نحو العدالة الإنسانية
د يسر الغريسي حجازي
27.04.2023
نحو العدالة الإنسانية
"ان المواطن، والفنان، والسياسي، والاقتصادي، والعالم بأسره يحتاجون جميعًا إلى التعرف عن أنفسهم، وفهم أن حرية الإنسان موجودة في ضميره. كما ان التقدم في الحضارات يأتي نتيجة الوعي الجماعي، والادراك الذاتي، وما يمكن أن يوسع آفاق الإنسان نحو الحكمة، والبنائية الاجتماعية، وحب الحياة. يعتبر هذا النهج، تطور لنشأة العالم كظاهرة للواقع الاجتماعي. سوف يسمح لنا بالمواجهة العملية والتجريبية، واكتساب الخبرة والملاحظة، مما يؤثر ايجابيا على القرارات وواقع الأحداث التي نعيشها."
من منا لم يكن لديه هذا الشعور بالخلط بين الأفكار، والإرادة، والرغبة، والعواطف، والتصورات؟ ان إيقاظ الوعي يعني: التحرر من القيود ومن العبودية الفكرية. وكلما واجهنا الحقائق، كلما قمنا بتضحيات وتنازلات مؤلمة، حتى نتمكن من الحصول على السلام الداخلي والطمأنينة.
هل يخدعنا الضمير او أنه يحجبنا عن الواقع؟ بالنسبة إلى الفيلسوف كانط، فإن الوعي بالذات قادر على تحديد شخصية مستقرة وموحدة. إنه يجعل من الممكن إنشاء المبدأ الأخلاقي، الذي يؤسس القيمة ويحارب الشك والباطل.
هل يتمحور ذلك حول عدم تصديق التفسير الحقيقي للأحداث؟ كيف يمكن إثبات الحجج الصحيحة، والتوافق مع واقع الأحداث؟ ومع ذلك، فإن التفكير ومحاولة الفهم يسمحا لنا بمعرفة أساس الحقائق لان بنفس الوقت يرتفع الضمير الي اقصي درجاته.
كما ان مصطلح الوعي في اللغة اللاتينية يعني المعرفة التي تصاحب الواقع، حول ماهيته والقيمة التي يمثلها. ومن اجل تطوير الوعي الذاتي، لا بد من تركيز الجهود حول المشاعر لمناقشتها وفهمها بالشكل الصحيح. على سبيل المثال، ان نهج التغذية الراجعة في مشروع معين، هو بمثابة أداة قيمة لشرح الأسباب والطرق المختلفة، وكذلك النتائج المتوقعة، وفهم لماذا لم تتحقق النتائج المتوقعة وأين كان الخطأ؟
بالإضافة إلى وصف ماكنتاير (1984)، إن الوطنية هي فضيلة أخلاقية ومركزية. ويمكن اعتبارها فلسفة سياسية، بديلاً عن القومية لسياسة مستقرة وعادلة.
علي سبيل المثال، تعتبر عملية التوظيف جزءًا من الولاء، بسبب ان هذا الالتزام الأخلاقي يربط كلا الطرفين: صاحب العمل والموظف باحترام بنود عقد العمل. يركز الولاء على احترام الموظف لصاحب العمل وصدق صاحب العمل لموظفه. يتعلق الأمر باحترام التزامات كلا الطرفين، من حيث الاستقامة وعدم الانتقاص من القيم الأخلاقية. الولاء هنا يعبر عن استمرار مشاعر التفاني، والصراحة المشتركة.
في التجارة على سبيل المثال، يجب أن يكون البائع مخلصًا للمشتري. أما إذا كان المنتوج غير مطابق لوصفه، فهذا يدل على خيانة البائع.
الولاء يبني الثقة بين الشعوب، وكذلك الازدهار المجتمعي. كما يساهم الصدق في تعزيز التضامن والاحترام المتبادل، والتنمية المستدامة. لكن مع ذلك، فإن البر واحترام القانون يسمحان لنا بالوفاء بالتزاماتنا تجاه الاسرة، والعمل، والمجتمع. بالإضافة إلى ذلك، فإن مصداقية المعلومات المقدمة، تثبت تكريس أو بالعكس تماما، قمع الحقيقة واخفاء الأدلة. وهذه بحد ذاتها تعتبر جريمة، ويجب المحاسبة عليها. كما الحقيقة تكمن في المواقف، وفي استعداد كل انسان لمواجهة مسؤولياته. ان القيادية القائمة على الولاء، تساهم في تحسين المصفوفة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، والوصول إلى الخدمات الاساسية للجميع. إن الولاء السياسي أو البرلماني الجيد، هو سماع صوت الشعب والدفاع عن الشرائح المجتمعية الضعيفة على أساس التوظيف والمزايا الاجتماعية (الإسكان والتوظيف، والضمان الاجتماعي والصحي والمنح الدراسية).
لا يمكن للعالم أن يزدهر أو يتطور بدون ولاء، وبوجود الفقر المدقع. اما العلم والمعرفة، فهما نتاج الحلول المستقبلية للعيش وخلق القيم العادلة.
لا يمكن ضمان استدامة الشعوب، دون نقل بيانات حقيقية
وشفافية، ونزاهة في إدارة البيانات. هذه البيانات هي بمثابة رافعة الحماية الاجتماعية، ووسيلة لتنفيذ حلول مدروسة وتقدمية من اجل الجميع. وتسمح هذه الأساليب المنظمة بمراقبة المؤشرات والدلالات في آلية التوزيع للموارد الطبيعية والبشرية، والسلع. مما يسمح بقراءة الرسوم البيانية والتدقيق فيها. ويأتي ذلك من اجل تحسين الأداء والقدرة على تنظيم المصفوفة الاجتماعية وثقافة الولاء والانصاف الاجتماعي، والتزام الجميع بها.
