حقول الريحان / الكاتب الروائي يونس الرجوب
رواية تسجيلية توثق الجزء الراسخ في الذاكرة. مما أعرفه من سير وحياة أبطال الجبل وبعض من تجربتي الشخصية معهم قبل الاعتقال. واستميح أبناء شهداء الجبل والمتابعين لروابتهم . عذرا على قصوري حتى اليوم. في عدم إتمام تجميع حقول الريحان. وتوثيقها واصدارها كاملة غير منقوصة. نتيجة لقسوة الظروف التي اعيشها. وتنقلاتي من مكان إلى آخر تحت الإقامة الجبرية. مؤكدا أن تجميعها وتوثيقها واصدارها سيتم بإذن الله على أبواب الذكرى الخامسة والأربعين. لاستشهاد بطل الكفاح المسلح في جبل الخليل. الشهيد الكبير خليل عبدالله مصطفى العواودة أبو على طيب الله ثراه....
الفصل الاول.
الطريق الى جمرورة.
الهبت اخبار العبور عام 1973 نيران الثورة في الجبل من جديد اتخذ الفدائيون قرار البحث عن الأسلحة و المعدات القتالية الموجوده بين ايدي الجماهير. والتجاوز عن انتظار امدادات الخارج التي قد لا تصل خلال أندلاع القتال على الجبهتين المصرية والسورية.
صدرت الاوامر للجميع بضرورة التحرك في هذا الاتجاه وسؤال المواطنين عن السلاح آلذي كان لديهم قبل الاحتلال.
توضأ القائد المناضل لمجموعات الشهيد احمد الحوراني قوات العاصفة في الجبل المناضل الوطني الكبير .خليل عبد الله مصطفى العواوده ابو علي. وضوء العشاء .واستقبل قبلته على طهارة الجسد والروح.و اتم صلاته قصرا واستعجالا.و قال لي بلهجة لا تخلو من الصرامة الابوية: احمل ما اعددت من الزوادة واتبعني.
سرت خلفه كما عاشق يسير على جمر اشواقه . يجاري مع الريح احلامه الوردية .ويطلق خياله الواسع لبعض من ظلال حبيبته على رمل الدروب وازهار اللوز والبرتقال ..
.واد الحمام كان نائما تحت اشجار الجوز والرمان . بكل هدوء النوم في تلك الساعة من ليل الفدائيين.بقايا حفيف الخريف كانت تستحضر شيئ من الحان الصيف على اوراق العنب والتين المتحركة مع هبوب الريح على اطراف الحواكير والسناسل التي بناها الفلاحين بلطف اكفهم البيضاء وصلواتهم الصادقة على خدود التراب الطهور.
. بيوت الناس ساكنة بسكون الليل على جانبي الطريق.ولا شيئ يلوح على مد البصر غير خروبة (عصام) .وبعض اشجار الحور و السفرجل والتوت من حول البيوت القديمة على اطراف واد الحمام وواد المير.
سكن على ثغري هذين الوادين الجميلين. اناس من عشائر متعددة جمعت بين اوساطها بعض من بطون الشراونه و الشرحة والشوامره وفقوسه وخلاف وقزاز والسويطي والعمايره والرجوب والمسالمه والعواوده والحروب وحجه وبصبوص .وكان بعض الاشخاص والرموز لهذه العشائر يحملون القابا واسماء مميزه مثل (كعكبان والحاج بطل والصرصور وابو ذان وابو الغلاسي والعابور وشندي )وغيرها من الالقاب التي تميز صاحبها بلقب خاص يعرف به وتسمى حارته باسمه احيانا ولم يكن حتى تلك الليلة يشار الى اي من أبناء و سكان هذه المنطقة على خطورتها من حيث موقعها على الابواب الغربية و الأبواب الغربية الجنوبية والشمالية لمدينة دورا بالاتهام او الخذلان .
كان الجميع وطنيا يحب الثورة ويقدم لها ابناءه و الخدمات والمعلومات التي تمكن من انتصارها. وكان الكل يحرص على فضح الكمائن الليلية التي ينصبها جنود الاحتلال للايقاع بالفدائيين. وكنا نشعر بوجود الناس فينا ومن حولنا ونشتم روائحهم الطيبة ونسمع احاديثهم ونصائحهم ودعائهم وتمتمات قلوبهم البريئة التي تدعو لنا بالحماية والنجاة من كل مكروه..
سرنا في هدوء تلك الليلة الجميلة وكل منا يحمل شحنات الاشتباك في نبض شريانه ويتمنى ان يقطع المسافة التي تفصله عن مكان تنفيذ المهمة باقصى سرعة ممكنة وعندما وصلنا الى عين عودة التي تقع على الجهة الغربية الشمالية من مدينة دورا .تركني الاخ القائد ابو علي تحت شجرة خروب وارفة الاغصان والظلال تعود ملكيتها للشيخ عبد الله عقيلان العمايره تقع على الجانب الشمالي من منطقة الينابيع وقال لي سوف اغيب قليلا وعليك ابداء المزيد من الحيطة والحذر من خفافيش الليل وان لا تتهاون في اطلاق النار على كل من لا ينطق بسر الليل. .
امتد غياب القائد ابو علي طويلا وتلبسني في غيابه الحذر الشديد من ايتها حركة او نسمة ريح تحرك اغصان الخروبة التي اجلس تحتها او الهشير المحيط بالمكان وبعد طول انتظار سمعت صوت عبد المهدي عبد الله عقيلان العمايره يهلل باذكار سر الليل الذي اعطاني اياه القائد ابو علي العواوده وبعد اعطائه الامان . تقدم نحوي بهدوء وحذر وعانقني باسم ابو حاتم معتقدا انني (محمد جبر العواودة ابو حاتم) الذي كان مطاردا للاحتلال مع مجموعات الجبل في ذلك الوقت وجلس يحادثني عن اوضاع الجبل وصعوبات البحث عن الذخائر والمعدات القتالية واخبرني ان القائد ابو علي سوف يتأخر قليلا في المكان الذي ذهب اليه وان لا اقلق من هذا التأخير.
كان عبد المهدي و موسى الحاج محمد جبر الرجوب. الذي ذهب اليه القائد ابو علي عضوين في تشكيل اجتماعي قتالي لوجستيكي كبير يسكن في هذه المنطقة ويضم اضافة اليهما المناضلين الكبار العم جبران الرجوب الذي كان يتمتع برمزية خاصةً بين مناضلي الجبل ووجهاء وشيوخ ساكنيه.وكان الناس يروون عن صموده في التحقيق الاساطير ومحمد اسماعيل شندي. وعبد الرحمن رشيد الذي كان في تلك الفترة خارجا حديثا من الاعتقال.واخيه يوسف رشيد الذي كان مشهورا بصلابته وعدم اعترافه اثناء الاعتقال. والعم الحاج احمد جبر وابنائه وعيسى قزاز والحاج عبد الله مسلم الرجوب وأبنائه واخوانه .ومحمد خليل بصبوص ويوسف خلاف وعمه عيسى والحاج على محمد الحلو وجبر الحاج سليمان والحاج عثمان ابو حسين وعبد الرسول راشد العرب والحاج حسين مسلم الشرحة.ومحمد الحاج الرجوب . وفي الجهة الجنوبية الغربية لقمتي هذين الجبلين التي يسكهما هذا التشكيل الوطني كان ذياب العمارين واخيه علي العمارين والحاج اسماعيل عواد المسالمه وعلي حمد عواد المسالمه ومحمد عبد القادر قزاز يشغلون سكنا ومهمات قمة جبل طاروسا وعرقان عوض وخلة عروة وجبل العابد وواد عبيد .وفي الجهة الشمالية والشمالية الشرقية كان ابراهيم عبد اس
