طواف / الشاعر سميح الشريف
برئت يا ( كنتُ ) من ماضٍ حملتيه
سيّان من تُرّهاتٍ فيكِ أو تيه
وصرتُ من بعدها أبعادَ تزقفني
ما بين ملتبسٍ ضُلٍّ ومعتوه
فالحال أحوال في جسمي منازلها
كلٌّ له مستراحٌ في مبانيه
عجلى تقيم به عجلى تغادره
إلى جديدٍ تخلٌقه أمانيه
فاليوم شاهد ُ زور الأمس كيف قضى
بكلّ ما فيه من أحداث تنفيه
كما هي الحال في إبنٍ ووالده
هذا لذا الستر في أخفى خوافيه
فالنقصُ ظاهرةٌ في النفس خافيةٌ
في بنية النفس تنفي كلّ تنزيه
فلا كمال له إلاّ بخالقه
مَنْ كان نفحة حبٍّ فيه من فيه
والعقلُ أقدار ، في فهْمٍ تَحَمّلَه
لولا الجزاءُ لما أجزى بتنبيه
****
أتيتُ من غابرٍ ما عدتُ أدركه
ولا أضاءت مصابيحي لياليه
وحالَ معنى جديد اليوم في لغتي
إلى رُكامٍ قديمٍ في معانيه
كأنني لم أزل طفلاً يُأرجحه
على مراجيح تفرحه وتلهيه
كلاهما الآن في جسمي قد اجتمعا
طفلٌ أناغيه في شيخٍ أواسيه
وهالني أن جسمي ليس مملكتي
ولا جهودي التي ضيّعتها فيه
سجناً أراه أُنيطت بي إدارتُه
أنا السجينُ وسجّاني أنا فيه
كم أرهبتني ( ومَنْ يُضلِلْ ) فتشملني
ومَنْ تناسوْه لهواً في مغانيه
فرحمةٌ منه تشفي غلٌتي كرماً
وفي مشيئته رُحمى تُشائيه
*****
ما أبعد الناس عن فهمٍ لخلقهمُ
مَنْ كان في خلقه أرْبى تقاويه
فللحنان كما للنّار ألسنةٌ
من الدموع إذا آنهلّت تساقيه
في الخلق أقدار أعيت مَنْ يُعدّدها
أزمانها في تتالٍ كي ترقّيه
وما الحضاراتُ إلا مثلَه أممٌ
كلٌّ لها مصحفٌ في الأرض تتلوه
يتيه فخرا كما لو أنّ مْنجزَها
عبر العصور نتاجٌ من مساعيه
حذار نفسي فإنٌ الجسم آنيةٌ
إلى مَكَبٍّ إذا رثّتْ أوانيه
قد قيل ما قيل عن روحٍ تقيم به
ردْحاً من الوقت سِرًّا ثم تخليه
إذا تأملتَ خلتَ الأرض مزرعةً
في سرّة الكون فاقت كلّ تشبيه
قد أعرش الله فيها كلّ فاغيةٍ
وآذن الماء أن تجري سواقيه
——————————
سميح الشريف
