هذه جنين لها ذكريات* / الشاعرة والفنانة التشكيلية يسرى محمد الرفاعي
أيها الثائر على أرصفة الحياة
وبين أزقتها..
إن كنت تعشق الحياة وخمائلها
المجد والخلود لروحك المكافحة
وأهداب مساءك فأنت بانيها
تستحق ظل زيتونها
واشراقة فجرها
فهذه زهرة المدائن قدسنا
تدعوا كل عاشق للثم ثراها
فعلى ساحاتها وذرات ترابها
جرت ملاحم بطولية
لا تعد ولاتحصى لياليها
أغرقت ثراها
بدماء الشهداء وعشاقها
وهذه جنين لها ذكريات لا تنسى
من بطولات وملاحم التاريخ سجلها
ومجد حضارتها وتراثها
ونقشها في قلب كل عاشق يحفظ دروبها
ولا يفرط في ذكراها ..
واليوم أعلام النصر ارتفعت بعز وفخر
على قممها الشماء خفاقة
منقوش عليها أسماء أبطالها
الفارين من سجون أعداءها
طيورها فرحة سعيدة كليلة العيد بأضوائها
تنشد وترتل أجمل الألحان من أجل آسراها
أشرقت شمس الحرية من جبين سجنائها
آه يا ناصرة المظلومين والراحلين منا
كان على أيلولك أن يبقى أنيقا متأنقا صامتا
ولا يخون الفارين من نفق الحرية فجرا
ولا يحرمهم متعةالإمساك
بخيوط شمسها والتلويح لها
تقاذفتهم أمواج بحر الخيانة
والنفاق مدا وجزرا
وسعتهم حفرة ضيقة حفروها
بملعقة الحرية نفقا واسعا
فضاق بهم الوطن في لحظة حزن
أبكت مساءنا وأدمت قلوبنا
ونزف الشريان على أثرها دماءنا
فكل شعراء العروبة تغنوا بأصالتها
وجمال جبالها وسهولها
وصبر زيتونها وصمود آسراها
ولم ينسوا الغناء لنابلس وبرتقالها
وجبل النار وثوارها
وجبال جرزيم وأوديتها
فكل شيء حولنا وفي حياضها
تعانق طربا وألقا مع حفيف أوراقها
و صوت حساسينها
وهديل الحمام على ضفافها
أه يا وطني على رقيق نسماتها
حين تلفح الخد وتنسم على الروح ترياقا
تدمع العين حنينا وشوقا
لشهداءها وأبرياءها
فهذه جنين والقلب لها خفاقا
وما جرى اليوم لآسراها
يدمع القلب والعين حزنا ومرارا
مضينا إلى الشمس نغني فرحين
برفقة الفارين من عذاب سجونها
فتوالدت من ضحكات عيوننا
نجوما متلألئة كضياء العروس في خدرها.
وعطر أنفاسنا ياسمينها مبتسما
وآخر المساء الصمت أحدث ضجيجا
هز الكيان وأرق فلسطين وعيون آسراناا
فالمسجد الأقصى روح القدس ودرتها
وقدسيته من قدسية أنبياءنا
فيه الصلاة والسجود عظيمة لعظمة نبينا
وأكمل الخلائق في الأحاديث قدسها
عرج منها لسابع سماء وعاد لأرضها
الكل يفنى يا وطني فالقبور ضاقت
كقلوب المتأمرين على ديننا وأوطاننا
وأنت ستبقى الهواء العليل لأرواحنا
والقدس باقية في حفظ الله مع أقصاها
الحكاية والرواية أننا كلنا أصحاب حق
نسكن خياما ممزقة وكهفا ضيقا
ويعيش الحرعلى هامش الحياة سجينا
والوباء والغباء يقتلنا وينهك أرواحنا
ويشغل بالنا الحزن والهم فيكتم أنفاسنا
والموت بات منا قريبا
وقد أفنينا من أعمارنا سنينا
نطالع وجه طفلا شقيا
يحمل الحجارة للذود عن أرواحنا
و آخر المساء نبايعه ونقايضه
على لقمة عيشه لخستنا
ونكتب على الشاهد بعد موته
بكل وقاحة نام قرير العين في قبرك
يكفيك فخرا وعزا
أنه أمسى لك ظلا وإسما فخما
لن ننساك ولن ننسى بطولاتك ما حيينا
الشاعرة والفنانة التشكيلية
يسرى محمد الرفاعي
سوسنة بنت المهجر
