* كوفيّة الأجداد * بقلم الشاعر إحسان الخوري
تقدمة من القلب لمعالي عميد الادب
والشع العربي الدكتور لطفي الياسيني
القدس نكهة بيَّارات البُرتقال
الزَّعتر البرِّيَ وضوع الرَّيحان
مدينة تَحمِل طَعوماً فريدة
تَدُسُّ رحيقَهُا في الدَّحنون
تَمسَح دُموع زهر الزَّيزفون
تُربِّتُ على الّليلك والزيتون
وطوبى لِمَن تنشق عطر ثَراها
أصباحُها هَمسات الفَراشات
مساؤُها ألوان التُّوت والقُزَح
نحن نثمُل بِالقدس حدّ الثمول
ويَثمُل التَّاريخ بِأهلها المَواجِد
هلْ سمِعتُم بُكاء مدينة القدس
حينَ تَوضَّبَت الأجساد الحَمراء
وفاح المَوت على تراب حَواريها
بكاؤها كان من أوْصاب الضَّيوم
هُمْ صلبوا القدس على العُروبة
ظللوها بالضغينة وأمعَنوا العداء
مزَّقوا بدنها وانسربت دَمائها
وفاضت حتَّى عباب أَشْدود
أين شباب الهَيبة جدّ العالية
شبابُها أولاءك جِبال الشُّموخ
أين كوفية الأجداد الفاخرة
نتباهى برمزها حَدّ الكواكب
وأين أهازيج النِّساءِ السامقات
قُدسنا الشَّريفة تعانق السماء
وتعشقها جميع عواصم العرب
الويلُ الويلُ والثبور الثبور
ليسَ هناكَ قُدس في التغُرب
ليسَ هناك يافا في التَّشرُّد
وليس هناك طبريا في الجحد
القدس تمتحن القنوط ولا تذعن
تضيْقُ زمنا وزَمنين وقد تغفو
لكنَّها لا تستسلِم لقيد الاحتلال
لا تُؤمِن بالمُحال والمستحيل
وتُراهِنُ علىٰ رايات الانتصار
هي قالَت لي في أحد الأيام
ياولدي دعْ النُّبوءات جانِباً
دعْ جميع اخْتِبال العرَّافات
لا تنظُر في أعين المُتخاذلين
سأعود فوق رياح الزَّوابع
أفُضُّ جُيوب أزَمان القَهر
أنفضُ المُحتلين منْ تُرابي
أُلملِم أولادي مِن الشطون
وأقيم عُرسَ الانتصار الأثيل