طيارون مدربون ومهابط.. إسبانيا تسقط شبكة تهريب جوي للحشيش المغربي
https://www.raialyoum.com/.../2021-10-16_08-29-52_600233...الرباط ـ “راي اليوم” ـ سعيد المرابط:
معزولا بين بحر من أشجار الزيتون في فوينتيس دي أندالوسيا (إشبيلية)، كان يتم اخفاء ممرٍ يستعمل مهبطًا الطائرات، يبلغ طوله 800 متر، لكن ظهور طائرة هليكوبتر قريبة يغير هذا المظهر بشكل كبير.
واستخدم تجار المخدرات هذا الممر كمهبط للطائرات حيث ينقلون حزم الحشيش من المغرب إلى شبه الجزيرة الأيبيرية.
وحدد الحرس المدني الإسباني خمسة ممرات هبوط – ثلاثة في إشبيلية وواحد في هويلفا والآخر في كاسيريس – بالإضافة إلى أربعة مهابط جوية سرية – في هذه المقاطعات الثلاث وفي توليدو.
وأسفرت العملية التي سميت “ليمونيرو”، والتي تدخل فيها 400 من عناصر الحرس المدني المنتشرين في ست مقاطعات، عن اعتقال 401 شخصًا، بين 4 تشرين الأول/ أكتوبر والأسبوع الماضي، عندما تم القبض على زعيم الشبكة ويده اليمنى.
وكان للشبكة الإجرامية الواسعة “سبع طائرات – خمس طائرات خفيفة وطائرتي هليكوبتر – لنقل المخدرات عبر المضيق ومدرسة طيران وعشرات الطيارين وفريق من الميكانيكيين”، حسب ما جاء في تقرير لصحيفة “إِلْ باييس” الإسبانية.
في العملية تمت مصادرة الأجهزة المتعلقة بالطيران، مثل كتب الطيران، ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، والمصابيح الكاشفة لإعلام الطيارين بمكان الهبوط وحتى وحدة التحكم في الطائرة.
وقالت الصحيفة أن التحقيق “كان شاقًا”، إذ اعتاد أعضاء الشبكة على استخدام وثائق مزيفة، والحصول على مركبات باسم أطراف ثالثة، الأمر الذي جعل المحققين “مرتبكين بشأن الرئيس الحقيقي للشبكة حتى اللحظة الأخيرة تقريبًا”.
وكان لزعيم التنظيم “إِلْ كابو” تاريخ في تهريب المخدرات في هويلفا، ولكنه كان يعرف كيف يتجنب الشبهات، لأنه عاش حياة طبيعية “دون ضجيج كبير”، كما يقول المتحدث باسم “هيئة التنسيق لمكافحة تهريب المخدرات” (OCON-Sur) في المعهد المسلح، وأخيراً، تم اعتقاله في شقة فاخرة في كارتايا (هويلفا).
وتم القبض على الرجل الثاني بالشبكة، وهو قائد عمليات التهريب، -الذي كان يُعتقد لفترة من الوقت أنه زعيم العصابة الحقيقي-، بعد فترة وجيزة في منزل ريفي في كارمونا (إشبيلية)، وينتظره حكم بالسجن لثماني سنوات بتهمة تهريب المخدرات.
ولم يكن لأي من أعضاء الشبكة أي صلة معروفة بعالم تهريب المخدرات في هويلفا، ولكن، كما تشير مصادر التحقيق، “في النهاية كلهم مرتبطون ببعضهم البعض”.
ومع ذلك، حسب “إِلْ باييس” فإن “هوية الشخص الرئيسي المسؤول قد فاجئت المحققين”.
وقال المتحدث باسم “هيئة التنسيق لمكافحة تهريب المخدرات” لم نستطع أن “نتخيل أنه يمكن أن يقود منظمة بهذا الحجم”.
ومما أدهش المحققين، “ليس أنهم أدخلوا الحشيش عن طريق الجو”، فوهو أمر تم القيام به منذ بداية القرن، ولكن “الحجم الكبير”.
تداريب لتجنب المخاطر
التهريب الجوي للحشيش المغربي عبر المضيق يشكل عدة مخاطر، إذ على الربان أن يطير ليلاً، بدون خريطة طريق وعلى ارتفاع منخفض للغاية، مما يزيد من الخطر.
وبالإضافة إلى ذلك، ونظرًا لأن الطائرات تسمح بحمل كيلوغرامات أقل من المخدرات، مقارنة بالقوارب، يجب مضاعفة عدد الرحلات الليلية فوق المضيق.
وتشير مصادر التحقيق إلى أن الطيارين، الذين تم جلبهم من المكسيك، حيث يمكن الحصول على رخص طيران رخيصة، حصلوا على 40 ألف يورو مقابل كل رحلة.
كان الحادث الذي وقع لطيارٍ مكسيكي بالمغرب، في أيلول/ سبتمبر 2019 على وجه التحديد، هو الذي وضع الحرس المدني على المسار الصحيح؛ إذ كان أحد أفراد الطاقم مقيما في إشبيلية.
وأحبط هذا التحقيق رحلة مخدرات تحتوي على 420 كيلوغرامًا من الحشيش، ثم اكتشفوا أول مهبط سري في هويلفا.
وكانت خبرة الطيارين ذات أهمية حيوية لتجنب لفت الانتباه إلى النشاط الإجرامي؛ وهذا هو السبب في أنهم تلقوا دروسًا في الطيران في مدرسة طيران سرية بين كارمونا وفوينتيس دي أندالوسيا؛ في طائرة صغيرة ذات مقعدين، تم تعليمهم التعامل مع نماذج مختلفة من الطائرات والمروحيات.
الطيارون المكسيكيون يخضعون لمزيد من التدريب، وفق مصادر التحقيق.
أما أولئك الذين لديهم تراخيص كانوا يقومون بدمج رحلات تهريب المخدرات – عادة بين الربيع والخريف، حيث يساعد طقس على رؤية أفضل – مع أنشطة جوية أخرى مثل رش الحقول.
وأكدت المصادر نفسها، أن الشبكة كانت تخطط لفتح مدرسة طيران أخرى في مالقة.
تهريب المخدرات جواً، يجعل من الصعب على الشرطة المراقبة، ويوسع دائرة عمل المهربين.
ومع الفوائد التي ربحتها الشبكة من نشاطها، وسعت من أسطولها الجوي؛ إذ اشترت طائرات من الخردة ومن أسواق السلع المستعملة، وقام فريق الميكانيكيين بضبط الأجهزة وإصلاحها.
ولزيادة سعة الطائرة، تم التخلص من المقاعد وكل ما هو غير ضروري، ليتم تعويضه برزم الحشيش.
وتم تعديل المروحية التي تم ضبطها في مسار فوينتيس الزائف، من طراز “Alouette”، لتحمل ما يصل إلى 900 كيلوغرام، وكان الطيار “مستعدًا للقيام بما بين ثلاث إلى أربع رحلات جوية في نفس الليلة”، يقول المحققون.
وفي كل شهر يتم ضبط ما معدله 25 طنًا من المواد المحظورة في المضيق، ويتم اعتقال 200 شخص، وفقًا لبيانات الحرس المدني الإسباني.
والضغط الذي تمارسه قوات وأجهزة أمن الدولة في حدود مضيق جبل طارق يجبر تجار المخدرات ليكونوا أكثر إبداعًا في فتح طرق آمنة لتهريب المخدرات.
تهريب المخدرات عن طريق الجو، محملا فِي الطايرات ليست فكرة جديدة، لكن درجة التنظيم والتخصص في توظيف وتدريب الطيارين وقدرة هذه الشبك، فاجأت الجميع.
