بايدن الكاثوليكي المتدين وبابا كنيسته.. أين الخط الفاصل بين الشخصي والرسمي في اجتماعهما؟
لا يتردد الرئيس الأميركي جو بايدن في استدعاء عقيدته الكاثوليكية بصورة روتينية. وقد استشهد بايدن بالقديس أوغسطين في خطاب تنصيبه، ويستشهد بانتظام بمقولات البابا فرانشيسكو الذي يلتقي كرئيس دولة الفاتيكان ببايدن، في تقليد أميركي يعود لقرن من الزمن.
[url=https://twitter.com/share?text=%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D9%86 %D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AB%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%83%D9%8A %D9%8A%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%8A %D8%A8%D8%A7%D8%A8%D8%A7 %D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AB%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%83.. %D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%81 %D8%B9%D9%84%D9%89 %D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84 %D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82 %D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%81 %d8%a8%d9%8a%d9%86%d9%87%d9%85%d8%a7&source=sharethiscom&related=sharethis&via=AJArabic&url=https%3A%2F%2Faja.me%2Fm59ghx][/url]
واشنطن– يعد لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن وبابا الفاتيكان فرانشيسكو حدثا فريدا، فبايدن ثاني رئيس أميركي كاثوليكي في التاريخ بعد جون كينيدي، وسيمثل اللقاء لحظة هامة تجمع رأس الكنيسة الكاثوليكية ورئيس أكبر دولة في العالم، في وقت تقترب فيه نسبة الكاثوليك من 25% بين الأميركيين.
وقد أصبح الاجتماع بين بابا الفاتيكان والرئيس الأميركي تقليدا يعود إلى ما يقرب من قرن، عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، عندما اجتمع الرئيس وودرو ويلسون عام 1919 مع البابا بنديكت الـ15.
اقرأ أيضا
البابا: ترامب ليس مسيحيا بسبب موقفه من الهجرةبابا الفاتيكان ينتقد زواج الشواذترحيب دولي باختيار البابا فرانشيسكوبايدن.. الكاثوليكي الثاني الذي يصل للبيت الأبيضوقبل ساعات من مغادرة الرئيس بايدن إلى إيطاليا للقاء بابا الفاتيكان فرانشيسكو، طُرح سؤال في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض حول ما إذا كان الاجتماع سيكون "شخصيا أو رسميا"، وكان جواب مستشار الأمن القومي جيك سوليفان هو "كلاهما".
والتقى بايدن والبابا فرانشيسكو 3 مرات أثناء عمل الأول نائبا للرئيس الأسبق باراك أوباما. ووفقا للبيت الأبيض، فقد تحدث الرجلان هاتفيا بعد فوز بايدن بالرئاسة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وبلقائه فرانشيسكو اليوم الجمعة يكون بايدن ثالث رئيس أميركي يلتقي به منذ اختياره على رأس الفاتيكان عام 2013.
فقد التقى البابا الرئيس باراك أوباما في أميركا عام 2015، حيث تناولا قضايا المهاجرين وتغير المناخ ومساعدة الفقراء. وفي عام 2017 التقى فرانشيسكو الرئيس دونالد ترامب، وكان البابا قد شكك في مسيحية ترامب بسبب سياساته الشعبوية المعادية للمهاجرين.
ويعتقد بعض المراقبين أن القضايا التي تهم بايدن والبابا فرانشيسكو لا تخرج عن 3 محاور رئيسية، عندما يتعلق الأمر بكيفية اصطفاف وضبط سياسات الرئيس الأميركي الكاثوليكي مع التعاليم الكاثوليكية، وهي:
- قضايا يتفقان عليها مثل البيئة والمناخ.
- قضايا يتفقان عليها بصفة عامة مع وجود خلافات في التفاصيل، مثل قضية الهجرة.
- قضايا يختلفان عليها جذريا، حيث تتعارض فيها سياسات بايدن مع تعاليم الكنيسة، مثل قضتي الإجهاض وحقوق الشواذ جنسيا.
تكتسب زيارة بايدن للفاتيكان طابعا خاصا بحكم أنه كاثوليكي متدين (غيتي)
يجمعهما عداء المتشددين
يقابل بايدن بابا الفاتيكان في لحظة يسيطر فيها الاستقطاب الحاد على الحياة السياسية الأميركية. من هنا أصبح الرجلان أهدافا مشتركة لهجمات من الأساقفة الأميركيين المحافظين الأقوياء.
ويقاوم ويتجاهل أيضا الكاردينالات المحافظون، الذين تم تعيينهم في مرحلة ما قبل البابا فرانشيسكو، جهوده لإعادة توجيه أولويات الكنيسة نحو الإدماج والعدالة الاجتماعية، بعيدا عن قضايا الحروب والثقافة مثل قضتي الإجهاض وحقوق الشواذ جنسيا.
وتعود جهود تقويض الكاردينالات الكاثوليك لبايدن لساعات بعد تنصيبه رئيسا يوم 20 يناير/كانون الأول الماضي، حين أصدر العديد من الأساقفة الأميركيين الكاثوليك بيانا انتقدوا فيه دعمه لحقوق الإجهاض، في وقت رحب فيه الفاتيكان بتنصيب بايدن، وأصدر بيانا أكثر دفئا وترحيبا بالرئيس الكاثوليكي الثاني في التاريخ الأميركي.
حياد البابا تجاه انقسامات واشنطن
لا يتحدث بابا الفاتيكان إلا نادرا عن السياسة الأميركية الداخلية، ويظهر ذلك عند وقوع حالات قتل في العديد من الولايات الأميركية، ونادرا ما يفوت فرصة التحدث علنا ضد تجارة الأسلحة وعواقب الحرب.
مع ذلك، فإن التيارات اليسارية واليمينية الأميركية ستدرس الاجتماع جيدا كي تتأكد من أن البابا لا يوفر غطاء سياسيا لأول رئيس كاثوليكي أميركي منذ جون كينيدي، بما قد يدعم أجندته الاجتماعية الليبرالية المصطدمة بالتعاليم الكنسية، والتي لا يتفق معها نصف الشعب الأميركي.
ومن الواضح أن للبابا فرانشيسكو داعمين متحمسين في الولايات المتحدة، وخاصة بين الأساقفة والكرادلة الذين عيّنهم. ولكن بين إجمالي الأساقفة الأميركيين، لا يشكل حلفاء البابا أغلبية، وقد أعرب مسؤولو الفاتيكان عن قلقهم من أن تحرك غالبية الأساقفة الكاثوليك ضد رئيس كاثوليكي يمكن أن يشكل سابقة خطيرة، تزيد انقسام الكاثوليك الأميركيين تجاه القضايا السياسية، بما يساهم في تقليل تأثيرهم السياسي.
لقاء سابق بين الرئيس الأميركي السابق وبابا الفاتيكان، وهو تقليد مستمر منذ قرابة القرن (رويترز)
علمانية الدولة وديانة الرئيس
لا تتبنى الولايات المتحدة ديانة رسمية، ووقفت الدولة رسميا على الحياد تجاه الأديان، ولا يتم تجميع بيانات متعلقة بالدين في استمارات التعداد العام الذي يجرى كل 10 سنوات. كما يحظر الدستور الأميركي أي متطلبات دينية في أي من الوظائف الحكومية بما فيها منصب الرئيس.
ورغم ذلك انتمى 44 رئيسا أميركيا لطائفة البروتستانت بمختلف مذاهبها الرئيسية، سواء الكنيسة الأسقفية أو الكنيسة البريسبتارية أو البروتستانت المعدانيون والإنجيليون. وتاريخيا شكك الكثير من الأميركيين في أولوية ولاء الكاثوليك للدولة وصلاحيتهم لمنصب الرئيس، مع الخوف من أن يكون ولاؤهم الأول لبابا الفاتيكان.
وتزداد أهمية الكاثوليك في الحياة الأميركية كون أغلب المهاجرين الجدد، الذين يقدر عددهم بأكثر من مليون شخص سنويا، يأتون من دول كاثوليكية بالأساس في أميركا الوسطى مثل المكسيك والسلفادور وهندوراس وغواتيمالا.
وقبل وصول بايدن للرئاسة، وعلى مدار تاريخ الولايات المتحدة الممتد لأكثر من 245 عاما، ومن بين 45 رئيسا أميركيا، كان الرئيس الأسبق جون كينيدي الوحيد الذي ينتمي للطائفة الكاثوليكية، ونجح في الوصول للبيت الأبيض عام 1960 قبل اغتياله عام 1963، في حين لم يصل أي مرشح كاثوليكي إلى المرحلة النهائية من السباق للفوز ببطاقة الترشح الحزبي إلا السيناتور الديمقراطي جون كيري الذي خسر أمام الجمهوري جورج بوش الابن في انتخابات عام 2004.
ولا يعني وجود مرشح كاثوليكي ينافس على منصب الرئيس تصويت الكاثوليك الأميركيين له، وعلى الرغم من كاثوليكية بايدن وتدينه الشديد، فإن ذلك لم يشكل ضمانا له للحصول على دعم الناخبين الكاثوليك في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إذ أظهر استطلاع لوكالة أسوشيتد برس تصويت 49% من الكاثوليك لصالح الرئيس ترامب، في حين حصل بايدن على نسبة 50% فقط من أصواتهم.
جو بايدن لدى خروجه من الصلاة في الكنيسة الكاثوليكية (رويترز)
بايدن الكاثوليكي الملتزم
في صباح يوم الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يوم التصويت في الانتخابات الرئاسية، صلى جو بايدن في أبرشية كاثوليكية بالقرب من منزله في ولاية ديلاوير، وفي وقت متأخر من تلك الليلة، عندما أصبح من الواضح أنه لن يتم تحديد أي فائز، تحدث بايدن إلى مؤيديه، وحثهم على الصبر والثقة في الرب، وطالبهم بالحفاظ على إيمانهم.
وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية، ظهرت إعلانات تلفزيونية تشمل صورا من اجتماعين لجو بايدن مع بابا الفاتيكان فرانشيسكو، وتحدث بايدن في مناسبات عدة بفخر واعتزاز عن أن والديه قد "غرسا فيه القيم الكاثوليكية".
وقال كذلك إنه تلقى تعليما كاثوليكيا في المدارس الابتدائية والمتوسطة أثناء نشأته في ولايتي بنسلفانيا وديلاوير. وعرف عن بايدن القيام بزيارات كثيرة لهذه المدارس بعد تخرجه منها. وأضاف أن إيمانه الكاثوليكي ساعده على التعامل مع مآسيه الشخصية بما في ذلك وفاة زوجته وابنته في حادث سيارة عام 1972، ثم مرة أخرى في عام 2015 عندما توفي ابنه بو بالسرطان.
ورغم أن جون كينيدي كان كاثوليكيا، فإنه لم يشتهر بممارسة الطقوس الكاثوليكية ولم ينتظم في زيارة الكنيسة للصلاة كل يوم أحد، على العكس من الرئيس المؤمن جو بايدن الذي نادرا ما تفوته الصلاة في الكنيسة كل يوم أحد.
وفي الوقت الذي فعل كينيدي كل ما يمكنه القيام به للتأكيد على أنه علماني ولا تحركه العقيدة والتعاليم الكاثوليكية، لا يتردد الرئيس بايدن في استدعاء عقيدته الكاثوليكية بصورة روتينية. وقد استشهد بايدن بالقديس أوغسطين في خطاب تنصيبه، ويستشهد بانتظام بمقولات البابا فرانشيسكو نفسه، إلا أن ذلك لا يمنع من تناقض حاد حول موقفيهما من قضية الإجهاض، والقضايا المرتبطة بحقوق جماعات "إل جي بي تي كيو" (L.G.B.T.Q)، وما يتعلق بقضايا الحرب ومبيعات الأسلحة.