في ذكرى تأسيسه.. لماذا فشل حلف العراق ومصر والأردن واليمن الشمالي وماذا كان هدفه الحقيقي؟
الجزيرة:في مثل هذا اليوم عام 1989، أعلن في بغداد عن تأسيس حلف عربي يجمع العراق ومصر والأردن واليمن الشمالي، فيما عرف بـ"مجلس التعاون العربي"، وذلك بعد أشهر من انتهاء الحرب العراقية الإيرانية في 8 أغسطس/آب عام 1988.
هدفت الدول المؤسسة لهذا المجلس أن يقوم بدور ريادي في المنطقة، حيث كانت الرغبة في توثيق التعاون والتكامل الاقتصادي فيما بين أعضائها، كما كان الطابع الاقتصادي والسعي لإقامة سوق مشتركة من العوامل المهمة أيضاء وراء تأسيس المجلس.
وحرص المسؤولون في مجلس التعاون على التأكيد حينها أن هذا المجلس لا يشكل حلفا أو محورا ضد أحد، وإنما هو اتحاد أو تجمع اقتصادي عربي مفتوح أمام الدول العربية باتجاه تطوير ودفع الاقتصادات العربية نحو التقدم.
قرار التأسيس
اتخذ قرار التأسيس الفعلي في لقاء عقد في الإسكندرية بين الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس العراقي صدام حسين وملك الأردن الحسين بن طلال ورئيس اليمن الشمالي علي عبدالله صالح في منتصف يناير/كانون الثاني عام 1989.
وصدرت عن المجلس عدة قرارات شجعت التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء في التحالف الجديد، ومنها قرار بشأن حرية تنقل الموارد المالية والأيدي العاملة.
وفي تلك الفترة وتحديدا في فبراير/شباط 1989، كان قد أنشئ بالمقابل مجلس التعاون المغاربي الذي ضم كلا من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، وذلك بعد نحو عقد من تأسيس مجلس التعاون الخليجي بين السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعُمان.
وأخذ الحديث يتصاعد حول المجالس الإقليمية هذه باعتبارها تشكل مرحلة وسطية بين الدول والوحدة العربية المؤطرة في جامعة الدول العربية التي لم تفعّل مؤسساتها بشكل ملائم.
ولا تمتلك دول مجلس التعاون العربي حدودا مشتركة سوى الأردن والعراق، لكنها تشغل مناطق إستراتيجية في الشرق الأوسط، فتشكل مصر حلقة وصل بين البحرين الأبيض والأحمر، ويقع اليمن على باب المندب، بينما يقع العراق شمال الخليج العربي، ويقع الأردن شمال شبه الجزيرة العربية ويمتلك أطول شريط حدودي مع فلسطين المحتلة.
تبلغ مساحة مجلس التعاون العربي أكثر من مليوني كيلومتر مربع، إذ يشكل ما نسبته 15% تقريبا من مساحة الوطن العربي, وتمتلك دول مجلس التعاون شريطا ساحليا بطول 2929 كيلومترا.
وبلغ عدد سكان مجلس التعاون العربي حينها حوالي 116 مليون نسمة تقريبا، أي ما نسبته 40% تقريبا من إجمالي سكان الوطن العربي. ويبلغ معدل النمو السكاني لدول مجلس حوالي 2.4%.
ودول المجلس غنية بالمصادر الطبيعية المختلفة، إذ يمتلك العراق مخزونا هائلا من النفط والغاز والكبريت، بينما يتوفر في مصر مخزون وافر من المعادن المختلفة وبعض المعادن المشعة، كما أن الأردن يحتل مكانا عالميا من حيث إنتاج الفوسفات.
انهيار المجلس
غير أن هذه التجربة انهارت مع أول هزة سياسية فعلية، فقد وضع الاجتياح العراقي للكويت في أغسطس/آب 1990 -أي بعد حوالي 17 شهرا على قيامه- حدا لهذا المجلس.
ورأى محللون حينها أن العتب في ذلك يقع على صدام حسين لأنه لم يستشر قادة دول المجلس في هذه الخطوة الكبيرة التي قام بها والتي تمتد آثارها إلى جميع الدول الأعضاء في المجلس بل وفي المنطقة.
ولم يكن مبارك على وفاق تام مع صدام، بعكس الملك حسين والرئيس صالح، وتجلى هذا في وقوف الأردن واليمن الشمالي في صف العراق أثناء غزوه للكويت، فيما كانت مصر من الأطراف الفاعلة في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي أنشئ لإخراج القوات العراقية من الكويت.
وكشف الرئيس المصري حسني مبارك بعد الغزو العراقي للكويت عن الهدف الأساسي لهذا المجلس قائلاً "إن مجلس التعاون العربي كان له هدفان محددان"، مشيرا إلى أن القادة العراقيين استمروا في محاولة تحقيق الهدفين لمدة 7 أشهر، وأوضح أن أحد الهدفين كان توقيع اتفاقية دفاع مشترك.
أما الهدف الثاني الذي أشار إليه الرئيس المصري فتمثل في توقيع اتفاقية أمن مشترك، وعلق الرئيس مبارك على هذه الاتفاقية بأنها كانت تهدف إلى دمج أجهزة المخابرات معا.
وعن ذلك قال الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل في كتابه أوهام الانتصار عام 1992 إن "أربعة من قادة مجلس التعاون العربي جاؤوا من عوالم مختلفة ومتناقضة، مع ذلك تباينت وجهات النظر التي كانت تبدو غير محتملة للشراكة".
وعمليا، فقد وضعت حرب الخليج الثانية حدا لهذا المجلس، وإن كان رسميا قد تم ذلك في فبراير/شباط 1994 حينما أعلنت لجنة الشؤون العربية والخارجية بمجلس الشورى المصري تأييدها لإلغاء اتفاقية تأسيس مجلس التعاون العربي بناءً على القرار الجمهوري بمشروع القانون والذي أحيل إلى مجلس الشعب.
وسبقت الحكومة الأردنية في ذلك وقامت بتصفية مجلس التعاون العربي بصفة رسمية في أول يوم من أغسطس/آب 1992 بعد تجميد نشاطه قرابة عامين. كما لم تعارض أي من الدول الأعضاء تصفية المجلس نهائيا.