شعر عبد يونس لافي
إدانةُ الشاعرِ للشُّعراء
أنا منذُ العامِ الماضي
لمْ أكْتُبْ شِعْرا،
لكنّي ما زِلْتُ الشاعِرْ.
أشْعاري يفهَمُها أطفالُ الحارَة،
أشْعاري حَبّاتُ الدَّمعِ المُنْهارَة،
أنا لن أكتُبَ شِعْرا
أو أسْمعَ ما قالَ الشُّعَراءْ،
لا أؤمنُ بالشِّعْرِ إذا بيعَ الشِّعْرُ
رخيصًا في مَدْحِ الأُمَراءْ،
وَتَناسى اۤلامَ الناسِ
وجوعَ الفُقَراءْ.
أنا قدْ طلّقْتُ الشِّعْرَ المَوْبوءْ،
طلّقْتُ اللا شِعْرَ ثَلاثًا،
هاجَرْتُ وأَبْحَرْتُ ولكِنْ
في بَحْرٍ هادِئْ،
في بَحْرٍ يَتَضاءَلُ فيهِ الشِّعرْ.
أضرِبُ عَرْضَ الحائِطْ
ما قد قيلَ وقيلَ وقيلْ.
أمّا شعراءُ الحارة،
أكَلوني حَيًّا
صَلَبوني مَيْتًا
أكَلوني وَيْ
صَلبوني وَيْ
وَيْ وَيْ وَيْ وَيْ!
يا أَيَّتُها الطَّبَقاتُ السَّبْعْ
صُبّي غَضَبًا،
صُبّيهِ على الشُّعَراءْ،
كلِّ الشُّعَراءْ
إلّا الْغُرَباءُ تَمامًا في هذا العالمْ*
فهُمُ الشُّعَراءْ
والحَقُّ هُمُ الشُّعَراءْ.
أمّا أنتم يا شُعَراءْ
يا من أنتم في (لا أدري)
أشكوكُم أشعارًا،
باتتْ تشكو
تشكو منكم،
أشكوكُم أشعارًا قد مَلَّتْ منكم.
يا شُعَراءً كَثْرَةْ
لستم شُعَراءَ الكثْرَةْ،
فالكثرةُ تَلفِظُ قُبْحَ الأشياءْ،
والكثرةُ تعْرِفُ زيفَ الشُّعَراءْ،
والكثرةُ تعرِفُ أشياءً أشياءْ،
قد تكمُنُ خلفَ الأسماءْ!
إي يا شُعراءْ!
الكثرةُ لا تُخْدَعُ بالأَلوانْ،
بل تعْرِفُ سِرَّ الألوانْ.
* الغرباء من الشعراء، هم غرباء الذات، ممن انصهرت ذواتهم بالذات الجمعية، وأحالوا أقلامهم مشاعل تضيئ الطريق للجميع.