مصطفى محمد غريب
بغداد الانذار القادم من عمق الجب
ـ 1 ـ
استيقظتُ صباحاً
من حلمٍ أيقظ في نفسي شبحاً
يتلظى من بؤس العزلة
لكنْ أنذرني
بسحابٍ صخري من عمق الجب
وبصوتٍ مدوي
كنذيرٍ يغزو مدن البسطاء..
قص حكايا استهلاك نخيلٍ عند الشباك
وبلابل تمر حنطية
تبني عشاً في الطرقات الخلفية
تشدو بنشيد الارض زفيراً من بركان
تشدو بغداد غبار الاضرحة الحربية
بغداد الحوراء سباء ..
بغداد الحزن هباء
بغداد التاريخ عناء ..
بغداد الجوع فداء
تتلظى بغداد الإلغاء
من سر التطمين الفارغ في جوف التعتيم
قص لنا عن سرقات الأرض وأركان البيت
وتحدث زوراً
بأحاديث الله
....................
...................
آهٍ يا قلبي المشكاة
بغداد مسارح للغرباء!
بغداد المسبية في عرف عراق البؤساء
بغداد المحبوسة في غرف التدجين
زخم الموت الأسود فيها حقد دماء
وعراقي الجوع بلا مأوى دون غطاء
والناس المسحوقين المحرومين
الناس المضغوطين
لا حاضر او مستقبلْ الا لغط الوعظ الملعون
الممزوج نارجيل التدخين الازرق
يأتون مع العلّةْ في ايحاء..
والريح تعاكسهمْ وتعطل فيهم قول الحق
كان الحلم المرآة جفاء
يتسابق في سفرٍ مرتاب الفكرة
ما بين النخلة والشباكْ
يتوعدهم رب القدرةْ
بغداد الفكرة مشطورة
مذبوحة في سيف السفهاء
بغداد المذبوحة بالقهر
ـ 2 ـ
غبتُ مراراً
عن حلم الاطروحة في الهارب من قولٍ مقسوم
وتجذر في الباقي الآتي من حكمٍ التاريخ
عجباً قلت وقلتُ بلا استغراب
وانا في السرب
اسحب دخان النرجيلة كالأفيون
عاري.. لا اثواب
وأنا فاقد داري
داري الأعمى.. لا أبواب
لا اعمدةٍ ضوئيةْ
وأنا مثل اسير الحرب القدريةْ
أتوجس نفسي
فمعرينا القائل ان الماء زلال
والقائل بغداد الماء الخير على الدنيا *
والداء القائم في بغداد الدمع الجاف
نذكرها في أبواب عدةْ
النخل العيط على أنهار العطش المختومة
النخلة في طابور النقل
أشرف من كل الاشجار
تحمل تمراً مرصوصاً بعد شواء
والمتسلق عند الجذر كفيف
سأل السائل عن معنى التمر
بلا قطف او عيط النخل بلا رأس
قالوا.. الحرب
نسلوا.. الحرب
قالوا الوعظ المنحوس
وضعوا الحرب الملعونة في المحراب المهروس
قالوا في ضحكٍ هستيري
لا نهوى سلماً
فالحظ لدينا خيلاً مرهونة بالهيضة
وتذكرنا حرب السنوات التدميرية
وتذكرنا كل فتاوى الغدر التحوير
بغداد النخل على الأبواب بلا رؤيا عصرية
آهٍ يا بغداد الرمز النابع من افواه الوطنين
نبكيك بلا زرعٍ او ماء
نبكيك بحزن الغرباء
نبكيك بلا خشية
لكن لمصائب زادت من محنتنا
يا بغداد النكبة قادمةٌ
وبلا استثناءْ..
* الشاعر العباسي أبو العلاء المعرّي: أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي.
بتصرف " وردنا ماء دجلة خير ماءٍ ــــــ وزرنا أشرف الشجر النخيلا"
10 / 7 / 2022