شعر عبد يونس لافي
حينَ فاضَ الفُرات*
لِمَ يا فُراتَ الخيرِ تجري غاضِبًا؟
مهلًا ولا تغضبْ،
فإنّا حائرونْ.
موجاتُكَ الهَوْجاءُ تُرْهِبُنا،
وإنّا خائفون.
الليلُ داهَمَنا ولا
ندري الى أين الرحيلْ،
أَإِلى الجبالِ فلا جبالْ!
مشلولةٌ أقدامُنا،
مكتوفةٌ كلُّ الأيادي،
كلُّ شيئٍ عندنا شِبْهُ مُحالْ
خاشِعةٌ أبصارُنا،
الوقتُ يسبِقُنا وما زلنا نُكابِرْ
صَعْبٌ علينا
أن نُغادِرَ…. لا نُخاطرْ
لُطْفًا فُراتَ الخيرِ أمْهِلْنا رُوَيْدا
صَرَخَ الرضيعُ
أما سمِعْتَ الصارخينْ؟
هلاّ رحمتَ العاجزين؟
رِفقاً بأهْلِكَ يافُراتَ الطَّيِّبينْ
فلقد عَشِقْناكَ سنينْ،
ولقد أَلِفْناكَ سنينْ!
منك نَهِلْنا كُلَّ خيرٍ كُلَّ طِيبْ،
واذا اسْتُغِثْنا نسْتَجيبْ.
ألْهَمْتَنا معنى الحياةْ
علمتنا نحيا الإباءْ
نَنْشُرُ نورَ اللهِ في الأرض بلا
مَنٍّ ونحنُ السُّعَداءْ
واحَسْرَتاهُ أرى عُيونًا
باكِياتْ
تجْهلُ ما تحملُ تلك القادماتْ!
أبناؤُكَ النُّجُبُ الغَيارى واجِمونْ
ماذا عساهُم فاعلون؟
إيْ يا فراتْ
اليومَ لا نعلمُ ما هو اۤتْ
إنّا لنَخْشى أنْ تَموتَ الذكرياتْ
يا أيُّها النهرُ العظيمْ
أتَحِلُّ ضَيْفًا عندنا عند الصَّباحْ؟
أمْ في دُجى الليلِ البَهيمْ؟
هل لكَ أن تُخْبِرَنا قبلَ الوُصولْ،
ليسَ لدينا ما نقولْ!
سَتَرى أحِبّاءً يُحَيُّوكَ
يُجيدونَ التَّحِيَّةَ …… حَيِّهِمْ
سيعانقوكَ يُوَقِّروكْ
ستراهُموا عينَ اليقينْ
كُنْ يا فراتُ لهم وقُلْ
يا طيِّبونَ لكمُ السلامْ
خَجِلُ أنا منكم، وها
سأعودُ ناموا آمِنينْ
* كتبت هذه القصيدة تحت تهديد الفرات، في فيضانه العارم عام 1968، وقد سبقه اخر عام 1967 أي قبل اكثر من نصف قرن..