سدرة الجيران – قصة قصيرة
حسين الجاف
سدرة الجيران –قصة قصيرة
هذه هي سدرة الجيران التي لطالما تغنيت بها سدرة الخير والبركة والظل الظليل المطيب بعطر الماضى وبعبق الحاضر وبسنى الايام الحلوة المقبلة..لم يسترح أدم في ظلها بعد بدء الخلق ولم بقل ظهرا تحتها صاحب موسى عندما اطلق في البرية شياهه لترعى ولم يتفيأ بأغصانها شديدة الخضرة المائلة الى السود هارون بعد أن عصوا أمره اتباع اخيه موسى وتاهوا في البراري أربعين سنه ولم يعمل يوسف النجار من جذوعها كرسيا ليجلس عليه في غطرسة الامبراطور الروماني الكافر الذي امر جلاوزته ان يجروروا ابن مريم نحو صليبه بغير وجه حق…صحيح ان الشجرة الضخمة لم تغرس في حوش دارنا اصلا انما في بيت الجيران لكن نموها السريع وطول اغصانها غطى بظلالها على بيتنا فصار جزء ممن ينعمون بخضرتها وفيئها ورائحة السدرالذهبي المخضود اللذيذ الذي تنتجه .. ولم يصل تحتها لا اهل الكهف ولا الخضر الذي تحل بوجوده الخضرة اينما حل لكن تحت اغضان هذه الشجرة الأليفة الحبيبة كانت تصلي أمي العلوية الحسينية تعبد الله وثقدس له ولاتحرم اسرتها ولا اهلها ولا قومها ولا وطنها من بر دعواتها الصادقة المباشرة التي تصل بأسرع من البرق الى ديوان الله كما نحسن ونحن صغار حيث النعم والبركات والعافية والخير والرزق العميم الحلال وكانت مجموعة غير قليلة من نساء المحلة ولربما بعض الدرابين المجاورة يترددن على العلوية أمي للسلام ولطلب المراد من الله ببركة السدرة المباركة التى ذكر الله فصيلتها في القران الكريم. ويعلقن (العلك) باغصانها الغضراء ..كل واحدة منهن لغرض مختلف هذه من اجل أن يرزقها الله بطفل ذكر حلو وتلك بزوج شاب وسيم قوي موظف يحقق لها احلامها في السعادة والزواج والحياة الامنة المستقرة واخرى أن يفتح الله على بعلها ابواب الرزق الحلال وان يبعد الله عنها وعن اهلها وزوجها واسرتها عيون الحاسدين و كان من زوارالشجرة فتاة فارعة الطول بيضاء كانها الثلج في شدة بياضه بحدود السادسة عشرة من عمرها كنت اجد في نفسي هوى شديدا نحوها بخاصة عندما كانت تأتي الينا بأنتظام وكانت أمي المرحومة تقول في بعض الاحيان لها انها ستكون كنتها مستقبلا لابنها الاوسط (ع) الذي يعمل موظفا في احدى دوائر الحكومة ويحب زميلة طيبة له بالدائرة ويبدو ان الصبية الحلوة التي كنت اهيم بها حبا قد اخذت كلام العلوية الوالدةبمحمل الجد على الرغم من اننا انا وهي كنا نتبادل التحيات الجميلة والابتسامات الحلوة عندما كانت تتردد على بيتنا ومرة سمعت نقاشاعن بعد كان يجري بين السيدة الوالدة واخي الاوسط حول تزويجه من تلك الفتاة الصغيرة التي كنت اعتبرها فتاة احلامي أنا فرفض باصرار قائلا لأمي ا ن قلبه اختار زميلته في العمل ولا رأي او رغبة له في سواها شريكة لحياته..وكان رفضه هذا يضئ في نفسي بعض شموع الامل ان تكون الفارعة الحسناءمن نصيبي أنا تلك الحلوة التي كنت اعارض ببياضها الثلجي اغنية عبدالحليم حافظ(سمراء ياحلم الطفولة ومنية النفس العليلة) اعارضها بقولي:بيضاء ياحلم الطفولة ومنية النفس العليلة… وبين هيامي بها وعزوف اخي للزواج منها ضاعت مني على حين غفلة.. الصبية الفاتنة وبينما كنت أسير بظاهر محلتنا في عصرالايام شاهدت هرجا ومرجا امام دارهم :
زغاريد وطبولا وموسيقي وعرسا وخلال ثوان قليلة ويالخيبتي خرجت فاتنتي ببدلتها البيضاء متأبطة رجلا متوسط العمر من اغنياء الريف…علمت فيما بعد انها صارت زوجة ثانية له وهو احد ابناء عمومتها.