{في اللغة اليونانيةMetanoia تعني توبة او تغيير فكر _ تحوّل وبالعبرية תשובה} اللفظة اليونانية تعني تغيّر فكر بأمر ما، واستخدمت الترجمة السبعينية اللفظة 5 مرات وبشكل خاص في سفر الحكمة {23 :11 و19، 10 :12} إشارة الى الله الذي يُظهر الرحمة.
العديد من النصوص لا تَظهر فيها الكلمة ” توبة _ Metanoeo “ الا ان الفكر قائم، مت 3 :5 و14 ،10 ،3: 18 ولو 33 :14، لان يسوع اتى ليدعو خطأة، لو 32 :5 والتوبة تسبّب الفرح، لو 15 فرح الله.
في خدمة صلاة “التوم الكبرى” والمعروفة عند الشعب “يا رب القوات”، دوما نقرأ “صلاة منسّى ملك اليهودية”.
في هذه العجالة سنحاول الإجابة على السؤال: “لماذا نقرأ هذه الصلاة في صلاة النوم الكبرى؟ والكل يعلم ان هذه الصلاة تُقال في زمن الصوم الاربعيني المقدس السابق للقيامة المجيدة.
“מְנַשֶּׁה” معنى الاسم “ينسى _ لينسى” حسب التكوين: “وَدَعَا يُوسُفُ اسْمَ الْبِكْرِ «مَنَسَّى» قَائِلًا: «لأَنَّ اللهَ أَنْسَانِي كُلَّ تَعَبِي وَكُلَّ بَيْتِ أَبِي». כִּי נַשַּׁנִי אֱלֹהִים אֶת כָּל עֲמָלִי” القيمة العددية للاسم ” 8 ” .
منشّي بن حزقيا هو ملك يهودا الرابع عشر. الملك الشرير القاسي وأكثر ملك من الملوك اغضب الرب الاله بسلوكه الوحشيّ وتصرّفاته السيّئة الرديئة جدا.
وسلسلة الاحداث التي ادّت الى توبة منشى ومن هنا تكمن قوّة التوبة والمغفرة من لدن الرب الرحيم. ويُضرب المثل بقوة توبة منشى فيقول الحكيم يهوشع: “ليكن معلوما لديكم عن قوة التوبة تعال وانظر منشّى بن حزقياهو بعد فعله كل الشرور والسيئات في العالم كما ورد في سفر الاخبار الثاني وقوة مغفرة الرب له”.
الملك التائب يخاطب الله مباشرة “الضابط الكلّ _ Pantocrator” هذا التائب الذي يخاطب الله الواحد خالق الكل، كان يعبد ويسجد للبعل ولكل صنم وكوكب مهما كان عدده “Polytheism “.
واضافة لذلك 2 مل 23 “فَحَنَّ الرَّبُّ عَلَيْهِمْ وَرَحِمَهُمْ وَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ لأَجْلِ عَهْدِهِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْتَأْصِلَهُمْ، وَلَمْ يَطْرَحْهُمْ عَنْ وَجْهِهِ حَتَّى الآنَ” ويعقوب لم يترك شعبه وكذلك في عصر المكابيين، 2 مك 2 :1: “لِيُبَارِكْكُمُ اللهُ وَيَذْكُرْ عَهْدَهُ مَعَ إِبرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ عَبِيدِهِ الأُمَنَاءِ،”.
ولان ابرار العهد الجديد يتمتعون مع ابرار العهد القديم في ملكوت السموات، مت 11: 8: وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِب وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ،”.
“يا مَن خلق السماء والأرض وكلّ زينتهما”
هذا إقرار واعتراف عن تراجعه من عبادة الاوثان والبعل والاصنام والسجود للنجوم، وذلك لأنه سجد للنجوم والاجرام وغيرهم، 2 مل 5 ،3 : 21 : ” وَعَادَ فَبَنَى الْمُرْتَفَعَاتِ الَّتِي أَبَادَهَا حَزَقِيَّا أَبُوهُ، وَأَقَامَ مَذَابحَ لِلْبَعْلِ، وَعَمِلَ سَارِيَةً كَمَا عَمِلَ أَخْآبُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ، وَسَجَدَ لِكُلِّ جُنْدِ السَّمَاءِ وَعَبَدَهَا. وَبَنَى مَذَابحَ لِكُلِّ جُنْدِ السَّمَاءِ فِي دَارَيْ بَيْتِ الرَّبِّ.” ويقرّ بعد توبته عن “سلطان الله” الكلّ يرجّ ويفزع من امام وجه الله.
“يا مَن قَفَلْتَ اللجَّةَ وخَتَمْتَها باسمِكَ المَرهوب المجيد، يا مَن يَرْهَبُ الكلُّ ويَرتَعِدُ مِن وجهِ قُدرتِهِ، لأنَّ عِظَمَ جلالِ مجدِكَ لا يُحتَمَل، وسَخَطُكَ بالوَعيدِ على الخطأَةِ لا قوامَ لهُ، ورحمَةَ موعِدكَ لا تُحصَى ولا يُستَقْصَى أثرُها. لأنَّكَ أنتَ الربُّ العليُّ المتحنِّنُ، الطويلُ الأناة والجزيلُ الرحمة، والتوّابُ على مساوِئِ النّاسِ.”
وضع حدودا للبحر واغلق الهاوية وختمها، ومنح الحرية لأسمى مخلوقاته باختيار الطريق، اما العيش تحت عبء الشرّ او بنعيم الله والتنعّم بالصداقة والشركة مع الله، والله يهب السماء والأرض زينتهما او نظامهما {بعض الترجمات} فان كانت الأرض رمزا للجسد والسماء ترمز للنفس فاذا الله يريد ان يمجّد اجسادنا وارواحنا فسرّ مجدنا هو الله، رو 17: 8: “فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ.”
الخطية مرفوضة، ويغضب الله من الخاطئ وهو رحوم وشفوق ولا يشاء هلاك الانسان لذا فتح باب التوبة.
منشى أدرك قوة مراحم الله، فهي لا تحدّ عظمة مجد الله، ورحمة إرادة الله لا تدرك لان التوبة هي الجسر الناقل من السجن الى الحياة في مملكة الله.
“أنتَ يا ربُّ على حَسَبِ كَثرَةِ صلاحِكَ، وَعَدْتَ بالتوبَةِ والغُفران للمُخطِئين إليك، وبِكَثرةِ رأَفَتِكَ حَدَّدْتَ توبةً للخطأةِ للخلاص. فأنتَ أيُّها الربُّ إلهُ القوّاتِ، لمْ تَضَعِ التَّوبَةَ للصدّيقينَ: لإبراهيم واسحقَ ويعقوبَ، الذينَ لم يَخطأوا إليه؛ بل وضَعْتَ التَّوبَةَ لي أنا الخاطئ، فإنّي قد أَخطأْتُ أكثرَ مِن عدَدِ رَملِ البحرِ. قد تَكاثَرَتْ آثامي يا ربُّ، قد تكاثَرَتْ آثامي، ولسْتُ أنا بِأَهْلٍ أنْ أَتَفَرَّسَ وأنظُرَ عُلُوَّ السماءِ من كَثْرَةِ ظُلْمي، وأنا مُنْحَنٍ بكَثْرَةِ قيودِ الحديدِ لِئَلاّ أَرْفَعَ رأسي، وليسَتْ لي راحةٌ، لأنّي أغْضَبْتُ غَضَبَكَ، والشرَّ قُدّامَكَ صَنَعْتُ، إذْ لمْ أَصْنَعْ مَشيئَتَكَ ولا حَفِظْتُ أوامِرَكَ. فالآنَ أَحْني رُكبَةَ قَلبي مُبتَهِلاً إلى صلاحِكَ، أخطَأْتُ يا ربُّ أخطأْتُ، وبآثامي أنا عارِفٌ، لكنَّني أسأَلُكَ مُتَضَرِّعاً، اغْفِر لي يا ربُّ، اغْفِرْ لي، ولا تُهْلِكْني بآثامي، ولا إلى الأبدِ تَحقِدْ عليَّ حافِظاً عليَّ شُروري، ولا تَسْجُنّي في أسافِلِ الأرضِ، لأنَّك أنتَ هو اللهُ إلهُ التّائبينَ، وفيَّ توضِحُ كلَّ صلاحِكَ، لأنّي أنا غيرُ مُستحِقٍّ فتُخلِّصْني على حسَبِ كَثرةِ رحمَتِكَ، وأُسبِّحُكَ كلَّ حينٍ جميعَ أيّامِ حياتي، لأنَّ إيّاكَ تُسبِّحُ كلَّ قُواتِ السماوات، ولكَ المجدَ إلى دهر الدّاهرين، آمين.”
يدعوه منشى “إله الابرار” و “إله التائبين” فأدرك منشى انه مدعو للتوبة لأنها السلم للوصول للرب.
كما في لوقا 13 “وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلًا: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ.” مقارنة وصلاة منشى: “لست مستحقا ان انحني…” والابن العائد الى حضن الاب، لو 19 ”وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ.” ” لست مستحقا ان ارفع عيني للسماء”.
الخطايا عبء ثقيل لا يُحمل ولا يُحتمل، فهي أثقل من الحديد ويتّجه ثقل الخطايا “انه لا يرفع راسه من خطاياه” وعددها لا يعدّ ولا يُحصى.
يقول القديس جيروم: “الخطيّة ثقيلة جدا، تحتاج لمراحم عظيمة”.
“الان احني ركبة قلبي..”
أي أخطأ بسجوده للكواكب والاوثان وبتوبته فرَحَه بحَنْي قلبه لله لان توبته صادقة من أعماق القلب.
يُعلن منشى توبته علانية وبنيّة صادقة لأنه، مت 21 :7: «لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.” فهناك من يقول أخطأت {مت 3 :27} وشاؤول قال امام صموئيل {1 صم 34 _24 :15} وداوود النبي، الا ان واحدا فقط سمع الجواب بالغفران وهو داوود {2 صم 13 :12} لان داوود أعلنها من القلب، مز 1 :51: “اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ.”.
“أخطأت وآثامي عارفها..”
من يعرف الله ويتغذّون من تعاليمه، ان اخطأوا فهم يفعلون ذلك في حضرة الله، على غرار قول النبي: “الشرّ قدامك صنعت” وما يميز هؤلاء سرعة توبتهم فيقول: “أخطات”.
وان يوم الدينونة آتٍ، وهذا هو الانسان وهذه اعماله. ختام صلاة توبة منشى، كَشْف ما في قلبه لتسبيح الرب وتمجيد الله.
يقول القديس يعقوب السروجي: “أسرعي ايتها النفس التائبة خطاك نحو التوبة وعيشي، ها انت تسمعين ربّك يؤكد لا اريد موت الخاطئ لا تطلبي ان تمكثي في خطاياك لئلا تموتي، عودي اليه مثلما عادت سارة الى إبراهيم” {حز 11 :33 عن موت الخاطئ: ” قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ، بَلْ بِأَنْ يَرْجعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. اِرْجِعُوا، ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ! فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟} وعودة سارة لإبراهيم تك 20 _10 :12}.