تحت المجهر((ردع العدوان ام فوهة بركان))
موفق الخطاب
تحت المجهر((ردع العدوان ام فوهة بركان))
* ما يحدث اليوم في سوريا يختلف تماما عما حدث عامي (2015 - 2016) , فلقد تغيرت كثير من الظروف وانهارت قوى وبرزت اخرى ، لذا فليس من الحكمة القياس ما جرى في حلب و ادلب وغيرها من المحافظات قبل عقد من الزمان عما يجري اليوم ..
* فالجانب الروسي اليوم المنهك بحرب اوكرانيا غير روسيا قبل عقد من الزمان ، وهي من تستجدي المعونة من الصين والسلاح من ايران و كوريا الشمالية ، وليس من اهتماماتها القصوى الحفاظ على نظام بشار الاسد المترنح، وهي تنتظر اي حجة لغلق قواعدها وسحب قطعاتها وقد تتخذها ذريعة و كورقة ضغط في التفاوض مع امريكا والاتحاد الاوربي مقابل التخفيف عنها و ايقاف الدعم اللوجستي لكييف والاستفادة من مجيئ ترامب الذي تربطه علاقات طيبه مع بوتين ..
* أما ايران اليوم فهي لم تعد ايران الأمس بعد ان فقدت معظم قادتها من الحرس الثوري وغياب اليد الضاربة( قاسم سليماني) وتراجع اسماعيل قاآني عن المشهد، والضربات الاسرائيلية والامريكية المتتابعة الموجعة على قواعدها و مليشياتها وخسارتها الجبهة اللبنانية ، والتهديد والضغط الاسرائيلي المستمر بجرها الى ساحة الحرب وهي تراوغ بتجنبها و تعرف يقينا ان اي خطأ غير محسوب سيفقدها برنامجها النووي و سيفجر الوضع الداخلي المحتقن، لذا فهي تتلقى الصفعات المتعاقبة وتمتصها بردة فعل باردة ، واخر صفعة تلقتها تتمثل في انهيار مليشياتها ومن ينضوي تحتها من مليشيات عراقية و محاصرتهم في حلب وريفها وقراها بعد ان لاذ بالفرار الجيش السوري ومروحياته ومدرعاته وتركهم فريسة للمعارضة من دون ان يصدر عنها اي تعليق لغاية الساعة، وما يثير الريبة حقا هو صدور الاوامر من رئيس النظام باخلاء و سحب جميع القطعات العسكرية الضخمة من اكبر مدن سوريا (حلب) دون اي تحذير او مشاورات مع الجانب الايراني امام زحف مجاميع مسلحة وترك المدينة تتهاوى وتسقط بيد الفصائل في غضون ساعات ويذكرنا هذا الموقف بسيناريو سقوط الموصل أبان فترة حكم سيئ الصيت نوري المالكي !!!
* ولا نغفل تداعيات حرب غزة المستمرة ودك لبنان ومسح الضاحية الجنوبية و انهيار حزب الله ومقتل زعيمه وقياداته المؤثرين على المشهد السوري وانكفاءهم بعد تحطيم معظم قواعدهم واسلحتهم وتكبيلهم بشروط قاسية مقابل وقف اطلاق النار وتأثير ذلك على الوضع السوري ، لذا فقد خسر نظام بشار الاسد قوة ضاربة لا يستهان بها كان يتكئ عليها في سحق المعارضين لحكمه والمنتفضين من الشعب السوري الأعزل .
* كما انه قد حدث شرخ كبير بين النظام السوري والنظام الايراني الذي بات يشكك اليوم بدور مشبوه لكبار قادة مخابرات بشار الأسد المخترقة ،وهنالك كثير من الدلائل تشير الى ان لهم يد في التخابر مع الإسرائيليين بمقر وتواجد قادة الميليشيات ومخازن الاسلحة التابعة لهم و حزب الله في المناطق الملتهبة في سوريا وخاصة في حدودها مع العراق..
* وبعد كل ما جرى من تغيرات فمن غير المتوقع اليوم ان تصمد الميليشيات الايرانية وحتى العراقية وتقاتل من اجل حماية النظام الذي استنفذ كل اوراقه في البقاء .
* كما لا نغفل أن الحاضنة العلوية للنظام اصبحت مكشوفة ومنبوذة من كل فئات الشعب السوري وهي تعيش في عزلة وتخشى اي اضطراب وتعلم مصيرها لما اقترفته بحق الشعب السوري المبتلى بحكمهم منذ عقود، لذا فالنظام لا يعول ابدا باللجوء الى حاضنته المرعوبة والتي تعيش أسوأ ايامها وليس امامه سوى المجابهة لوحده او الهروب خارج البلاد.
* اما الجانب التركي فهو الاخر قد غير من نهجه واستراتيجيته في التعاطي مع الملف السوري بعد تراخي قبضة ايران وترنح حزب الله وتراجع الدور الروسي وتعاظم الدور السرائيلي، فما يجري يصب في مصلحته لاعادة تموضعه ولا نستبعد التفاهمات بينه وبين الفصائل المسلحة ، ومن يدري ربما هو توريط وقد ترتد انعكاسيا عليها.
* عليه فنحن في ظروف مختلفة تماما عما جرى من احداث في زمن ولى ،ونحن امام معطيات جديدة ، لذا فليس من الحنكة والحكمة ان يتم إسقاط ما جرى قبل عقد من الزمان في سوريا والقياس عليه ، والأحوط لدول الجوار وخاصة العراق النأي بنفسه وتجنيب شعبه ويلات مناصرة هذا النظام او المذهب فربما ترتد عليه بعواقب وخيمة لا يحمد عقباها.
* لذا فلا تحللوا سادتي الوضع السوري او اي اضطراب هنا وهناك بمعطيات الماضي ، فجميع الفصائل المنظوية تحت ما يسمى المعارضة وجيش الشام الحر اتوقع انه قد استفادت من اخطاء الماضي التي خلقت كراهية بينها وبين طبقات عريضة من الشعب السوري وخاصة عندما سمحوا ان ينضوي تحت مظلتهم سابقا من هب و دب للخلاص من حكم بشار الاسد واتخاذهم صبغة دينية اثبتت فشلها في التعاطي مع تطلعات الشعب السوري ..
وبالتأكيد سيكون المشهد مختلف تماما اليوم، لذا اكرر سادتي لا تتسرعوا في اتخاذ المواقف وتحليلها قبل ان تنقشع غبار المعركة فما زلنا في بداية الليل حالك السواد..
حفظ الله الشعب السوري الذي ذاق الامرين من نظام دموي تحالف مع طغاة الارض لذبح شعبه من اجل ديمومة حكمه ومن تسلط إرهاب لم يبق و يذر..