المصلون يؤمون «كنيسة القيامة» وسط إشادة بوحدة الموقف المسيحي والفلسطيني
عقب تراجع نتنياهو عن فرض الضرائب
رام الله ـ «القدس العربي»: عادت الحياة من جديد إلى «كنيسة القيامة»، بعد أن سجلت بأبوابها المغلقة انتصارا على القوانين الإسرائيلية التعسفية، ودخلت أفواج من المسيحيين إليها، وأدوا الصلوات التي حرموا منها «احتجاجا» على مدار الأيام الثلاثة الماضية، لرفضهم فرض الضرائب على أملاك الكنائس في مدينة القدس المحتلة.
واعتلت وجوه المصلين الذين دخلوا باحات الكنيسة ابتسامات، غابت عنهم على مدار الأيام الثلاثة الماضية، التي حرموا خلالها من الصلاة في الداخل، التزاما بقرار البطاركة المشرفين على إدارتها بإغلاقها حتى إشعار آخر، احتجاجا على قرار إسرائيلي يقضي بتغيير «الوضع القائم» وفرض ضرائب على أملاك الكنائس في القدس، تمهيدا لمصادرتها.
وكان المصلون من المقدسيين والزوار الأجانب، يؤدون صلواتهم أمام بوابة الكنيسة وباحتها الخارجية خلال الأيام الماضية.
وجاء قرار إعادة فتح الكنيسة أبوابها، تنفيذا لقرار البطاركة، الذين قرروا وقف الخطوات التصعيدية ضد سياسات الاحتلال، بعد خضوع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لمطالبهم، وإصدار قرار يلغي سياسة الضرائب.
واعيد فتح أبواب «كنيسة القيامة» فجر أمس، عقب اجتماع طارئ لرؤساء الكنائس عقد الليلة قبل الماضية. وقام المسؤول عن فتح وإغلاق كنيسة القيامة، وجيه نسيبة، بإعادة فتح أبواب الكنيسة المغلقة.
وجاء في نص بيان رؤساء الكنائس «نحن، رؤساء الكنائس المسؤولين عن كنيسة القيامة و»الوضع القائم» (الستاتوس كوو) بطريركية الروم الارثوذكس وحراسة الأرض المقدسة وبطريركية الأرمن – نشكر الله على البيان الذي صدر اليوم عن رئيس الحكومة نتنياهو ونقدم شكرنا لكل من بذل جهودا جبارة للحفاظ على الوجود المسيحي في القدس والدفاع عن الوضع القائم.
بعد تدخل بناء من رئيس الحكومة، فإن الكنائس تتطلع للعمل مع الوزير هنغبي وجميع من يحب القدس لضمان بقاء مدينتنا المقدسة، التي لا يزال وجودنا المسيحي يواجه تحديات، مكانا تعيش وتنمو فيه الديانات التوحيدية الثلاث. وإثر التطورات الاخيرة، فإننا نعلن بهذا بأن كنيسة القيامة، مكان صلب سيدنا يسوع المسيح وقيامته، ستفتح للحجاج غدا، 28 شباط 2018، الساعة الرابعة فجرا».
وكانت بلدية الاحتلال في مدينة القدس، قد أعلنت عزمها فرض ضرائب على 882 عقارا مسيحيا في المدينة، تقدر بـ أكثر من 150 مليون دولار، في خطوة تهدف في مرحلة لاحقة إلى مصادرة أملاك الكنائس، عندما تعجز عن دفع الضرائب.
وأكدت الدكتورة حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن قرار إسرائيل بتجميد الضرائب «انتصار للموقف الموحد للكنائس المسيحية».
وقالت في بيان صحافي «إن الحراك المحلي والعالمي أثمر وساهم في لجم المؤسسة الإسرائيلية ودفعها نحو تجميد قرارها»، مؤكدة أن المطلوب الآن هو مواصلة هذا الحراك لـ «إجبار إسرائيل على إلغاء إجراءاتها الجائرة ووقف انتهاكاتها المتواصلة والممنهجة بحق المقدسات الفلسطينية».
وطالبت عشراوي المجتمع الدولي بضرورة التدخل لمنع سيطرة إسرائيل على المقدسات والأوقاف الفلسطينية تطبيقا للقرارات والقوانين الدولية، مشددة على ضرورة أن ترفع يدها عن الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية، «وألا تعبث بالوضع القائم والوضع التاريخي والقانوني».
وأكدت أن إسرائيل لا تمتلك صلاحية المساس بها وبوضعها الموروث منذ قرون، معتبرة أن إقامة لجنة للتباحث في مسار جديد لفرض الضرائب على الكنائس المقدسية هو «أمر غير مقبول ولا يشكل حلا»، مضيفة «الأماكن المقدسة لا تخضع لسيادة دولة الاحتلال وقراراتها».
من جهتها قالت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، أن إعادة فتح أبواب «كنيسة القيامة» يمثل «انتصاراً جديداً يكمل انتصار المسجد الأقصى المبارك بعد إزالة البوابات الإلكترونية عن مداخله وأبوابه».
وأشار الأمين العام للهيئة الدكتور حنا عيسى إلى اللحمة المسيحية الإسلامية الفريدة من نوعها في فلسطين، التي تجلت مجدداً على عتبات «كنيسة القيامة» حتى تم تجميد كافة القرارات التهويدية ضد الكنائس في القدس، مشيدا بقرار كنائس القدس الرافض للضرائب وخطواتها الاحتجاجية حتى تم تجميد هذه القرارات، مؤكداً على أن مطالب الاحتلال وقراراته الخاصة بفرض الضرائب على الكنائس «يقوض الطابع المقدس للمدينة المحتلة، ويعيق الكنائس عن القيام بدورها».
وأكد على ان وحدة الموقف المسيحي أولاً، ووحدة الموقف الفلسطيني ثانياً، والتحام الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين «كان له الدور الأبرز في وقف الهجمة التهويدية الشرسة ضد الكنائس».
إلى ذلك طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية الأمم المتحدة ومنظماتها ومؤسساتها المختصة، بضرورة «التحرك العاجل» لتنفيذ قراراتها بشأن القدس، و»الدفاع عن ما تبقى من مصداقيتها في وجه الغطرسة والانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة».
وقالت في بيان لها إن عدم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بردع سلطات الاحتلال ومحاسبتها على جرائمها «بات يشكل غطاء يستغله ائتلاف نتنياهو اليميني، لتنفيذ المزيد من عدوانه على المقدسات المسيحية والإسلامية في المدينة المقدسة».