وصيتا الشهيدين الخالدين الطبقجلي وسرّي وكيف رفضا خطة لإنقاذهما؟
ا
وصيتا الشهيدين الخالدين الطبقجلي وسرّي وكيف رفضا خطة لإنقاذهما؟
في العشرين من ايلول 1959 تم تنفيذ حكم الاعدام رميا بالرصاص بحق كوكبة من ضباط العراق الاحرار وكان ذلك اليوم يوماً اسوداً في تاريخ العراق، وانطلقت التظاهرات العفوية في منطقتي الكرخ والاعظمية تتقدمهما النساء، استنكارا لجريمة اعدام الضباط الاحرار ناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سري ورفاقهما الذين انتفضوا على طغيان وانحراف عبدالكريم قاسم.
كان قاسم بتوقيعه على قرار اعدام رفاقه الضباط الاحرار كأنما قد وقع بيده على قرار اعدامه يوم 9 شباط 1963
الشهداء الذين اعدموا يوم 20 ايلول 1959 في منطقة ام الطبول بالكرخ:
1- الزعيم الركن ناظم الطبقجلي
2- العقيد رفعت الحاج سري.
3- العقيد خليل سلمان
4- المقدم الركن عزيز احمد شهاب
5- المقدم الركن علي توفيق
6- المقدم اسماعيل هرمز
7- الرئيس اول توفيق يحيى اغا
8- الرئيس اول مجيد حميد الجلبي
9- الرئيس الركن داود سيد خليل
10- الرئيس يحيى حسين الحماوي
11- الملازم الاول زكريا طه
12- الملازم الاول حازم حطاب
13- الملازم الثاني محسن العمري
وننشر فيما يلي نص وصورة الوصيتين اللتين كتبهما الشهيدان الطبقجلي وسري الى عائلتيهما:
وصية الشهيد البطل ناظم الطبقجلي
زوجتي الفاضلة
اولادي الاعزاء حفظكم الله آمين
أودّعكم للقاء ربي وأنا ضحيّة عقيدتي وقوميتي وديني ضد الالحاد.. انني ألوذ بالله واطلب عفوه ومغفرته.. اوصيك يا زوجتي بحماية اولادي وتعليمهم وصيانتهم والحفاظ عليهم وتنشئتهم دينياً وقومياً ليكونوا مسلمين صالحين، واطلب عفوكم إن أسأت اليكم وأودعكم وأدعوكم بان تكونوا خير خلف لخير سلف.
اطلب دفني في مقبرة الامام الاعظم وارجو ان يحضر ويقرا على روحي الفاتحة انت واولادي، واذكريني بالخير دوماً.
اوصي بحضور الامام امجد الزهاوي وسيادة الاستاذ نجم الدين الواعظ وائمة السنة مراسيم دفني، كما وارجو سيادة الامام آية الله الشيخ محسن الحكيم والأمام الخالصي والأمام الجزائري الحضور لقراءة الفاتحة على قبري عند تيسر الوقت لهم في المستقبل. فاشفعوا لي بدعائكم حفظكم الله مشاعل اصلاء للاسلام والعرب، حفظكم ربي ورب الاسلام وانت يا زوجتي المؤمنة فاذكريني دوماً.. قبلاتي لاولادي حفظك الله.
زوجتي الفاضلة المسلمة: اوصيك خيرا باولادي وان يكونوا مخلصين لقوميتهم وعروبتهم ودينهم وتقاليدهم، انني ساواجه ربي قرير العين واطلب رحمته وغفرانه وعفوه واختم وصيتي بقوله تعالى ((يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون)) إن القرآن والاسلام والقومية العربية ستكون مناراً للأجيال الصاعدة وللعرب اجمعين، واننا بغير دستور القران والدين والقومية لا تكتب لنا الحياة ولا السعادة. لقد ثرنا من اجل ذلك وسنموت من اجل ذلك، وستحيا الامة العربية من اجل ذلك.
اولادي نمير ونهاد ونزار ونبيل ونجيب اوصيكم بان تكونوا اوفياء لوالدتكم امناء على واجباتكم ودراستكم، مخلصين لامتكم العربية وقوميتكم ودينكم وان تحيوا وتموتوا من اجل ذلك ومن اجل اعلاء كلمة الله (القران) في الحياة رفعكم الله وحفظكم من كل مكروه.
زوجتي المسلمة السيدة بدرية حسين العزاوي: اودعك وارجو عفوك إن اسأتُ، حفظك الله عربية قومية مسلمة، اذكريني بالخير واذكري اولادي في شخصي، واخيراً اقول لا يمكن للامة العربية ولا القومية العربية ان تموت مطلقاً، وسيموت حتما اعداؤها والكافرون بها، ولا يمكن بل ومستحيل ان تنطفئ كلمة الله في قرآنه والدين الاسلامي ابداً.
ناظم الطبقجلي
19 ايلول 1959
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصية البطل الشهيد مصطفى رفعت الحاج سري
وصيتي:
أوصي بالدار الذي املكه وبجميع ماأملك إلى زوجتى كوكب مصطفى الأيوبي.
بذمتي إلى اسطة عبد بن جعفر مبلغ 50 دينار أرجو من زوجتي دفعها له.
يوجد في حقيبتي راديو صغير يعود الى زاهد اسماعيل ارجو تسليمه له.
زوجتي المخلصة:
أرجو أن لا يؤلمك كثيراً فقداني وأن تتأسي بالصبر والإيمان ولديك الشئ الكثير منهما، وهذه مشيئة الله تعالى (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) أرجو أن تعاهديني لأذهب وأخرج من هذه الحياة مطمئنا انك لن تركني الى الحزن فيؤثر في اطفالنا الابرياء، وارجوك ان تتفرغي لتربية اطفالنا وتنشئتهم بالخلق القويم والايمان بالله وبالقرآن الكريم والرسول الأمين، وأن تغذيهم على حب الوطن والشعب، وعمل الخير للجميع.
أولادي نجيب ومنور ومعزز وجميلة واسراء وجهاد:
اطلب منكم أن تبرّوا أمكم وتطيعوها وأن تؤدوا واجباتكم تجاه أمتكم العربية جميعها وبضمنها عراقكم، وأنني أذهب وأودع هذه الحياة وقد عملت وضحيّت كثيرا في سبيل بلدي ما يمكنني ذلك دون ان اطلب جاهاً او جزاءً وهذه تضحيتي ودفعتُ حياتي في سبيل ربي وبلدي وفي سبيل امتنا وقد ارحت ضميري جهد امكاني، وآمل أن أكون قد أرضيت ربي، وأرضيت أبناء وطني، وأديت واجبي اتجاههم.
والدتي واخواتي واخواني:
لقد سببت لكم آلاماً كثيرة ومتاعب فارجو معذرتي وأن لا تستعظموا مصابي، إذ لست أول من ضحى أرجو أن تلاحظوا زوجتي وأطفالي من بعدي. اخواني واصدقائي سلام الله عليكم وارجو المعذرة، أملي أن اكون قد أخلصت لبلدي ولم أقصر اتجاهكم وأن تخدموا امتنا بما يرضي الله والوطن.
اطلب ان ادفن في مقبرة الامام الاعظم جوار والدي ولو ان ارض الله واسعة..
زوجتي كوكب:
ارجو العفو والمعذرة لضيق الوقت لم اتمكن ان اكتب لك ولاطفالي ما تسترشدوا به عند الكبر، والوداع.
مصطفى رفعت الحاج سري
السبت 19 ايلول 1959
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف رفض الشهيدان خطة لتامين انقاذهما وهربهما؟
روى المرحوم مدحت إبراهيم جمعة (وهو كان عضو قيادة قطر العراق لحزب البعث بعد 1958) رواية نقلها الاستاذ/ ضرغانم الدباغ انه في عام 1959 أصدرت محكمة المهداوي حكماً سياسياً على مجموعة من الضباط والقادة بالاعدام. ويقول مدحت، أن الحزب كانت لديه إمكانية تهريب ثلاثة أشخاص من السجن قبيل تنفيذ أحكام الإعدام، والثلاثة هم : العميد الركن ناظم الطبقجلي، والعقيد رفعت الحاج سري، والرفيق الحزبي فاضل الشكرة. وأوفدت القيادة مدحت أبراهيم جمعة لإبلاغهم قرار القيادة. فذهب مدحت وقابل العميد الطبقجلي، الذي لم يبد أي رغبة، ولكنه طلب رأي العقيد سري. وعندما قابل العقيد سري، رفض المقترح رفضاً باتاً قاطعاً، وقال يستحيل أن يوافق على المقترح، ويترك الضباط الصغار يواجهون رصاص الإعدام دون قادتهم بمعنويات ضعيفة وتسجل على تاريخهم الشخصي، وتاريخ الجيش العراقي. هو يشكر الحزب ولكن قراره هو أن يعدم مع بقية الضباط. وأبلغ مدحت قرار العقيد سري هذا للعميد الطبقجلي، فأيده تماماً، وقال أنا مع هذا القرار. وعندما أبلغ القرار للرفيق فاضل الشكرة وهو حزبي يلتزم بقرار القيادة، ولكنه قال بموضوعية أنه يفضل ويستحسن قرار العميد الطبقجلي والعقيد سري، ويفضل أن يعدم معهم.
ويقول مدحت وهكذا عدت إلى القيادة القطرية لأبلغهم أن القادة الثلاثة يرفضون تهريبهم من تنفيذ حكم الإعدام بهم. وفعلاً واجه الضباط رصاص الإعدام في 20 / أيلول / 1959 بشجاعة نادرة، الضباط القادة في المقدمة والكل يهتف بحياة العراق والأمة العربية. وحقاً سجلوها مأثرة عظيمة في تاريخهم وتاريخ الجيش العراقي.
يرحم الله شهداء العراق الابرار