الصابئة المندائيون
دكتور عدنان الظاهر
[size=32]الصابئة المندائيون[/size]
تمهيد
كثُرت الأبحاث التي تناولت مسألة أصل الطائفة المعروفة في الإسلام بإسم " الصابئة " وطبيعة دينهم ومعتقداتهم وطقوسهم وهل هم شرقيو أم غربيو الأصل والمنشأ : هل جاءوا من سواحل البحر الميت في فلسطين مع السبي البابلي ليهود أورشليم إلى العراق أم إنهم من سكنة أرض بابل القدماء. وأية بابل يقصدون : بابل نبوخذ نُصّر الكلدانية أم العهود السحيقة التي سبقت بابل، ربما عهود سومر وأكد ؟ سوف لن أدخل هذا الباب ما دامت فكرة دراستي هذه لا تمتُّ بصلة للموضوع سالف الذِكر. أساس دراستي محاولة للبحث عن الصلة ما بين يوحنّا المَعمَدان ( يحيى بن زكريا ) وعيسى المسيح إبن مريم. العلاقة مختلطة لأسباب وأدلة سأعرضها لاحقاً، ولا يُعرف أساس هذا الإختلاط.
تتبعت هذا الأمر في ما كتبت الإناجيل عن يوحنا المعمدان وفي ما ورد في القرآن الكريم عنه وعن طائفة الصابئة التي لم يرد لهم ذكر في التوراة
( 1 ) ولا في الإنجيل. كذلك الأمر بالنسبة للفظة " مندائية أو مندائيين ".
يوحنا المَعمَدان ( يحيى ) في أناجيل المسيحيين
ورد ذِكرُ نبي الصابئة ( المندائيين ) يوحنا المعمدان في أربعة أناجيل هي ( متّى ) وإنجيل ( مرقص ) وإنجيل ( لوقا ) ثم ( يوحنا ).
إنجيل متّى / الإصحاح الرابع عشر / 1 – 12
(( في ذلك الوقت سمِعَ هيرودُسُ رئيسُ الرُبع خبرَ يسوع. فقال لغلمانه هذا هو يوحنّا المَعمَدان. قد قام من الأموات ولذلك تُعمَلُ به القوّات. فإنَّ هيرودُس كان قد أمسك يوحنّا وأوثقه وطرحه في سجنٍ من أجل هيروديا إمرأةِ فيلِبُسَ أخيه. لأنَّ يوحنا كان يقولُ له لا يحِلُّ أنْ تكونَ لك. ولمّا أراد أن يَقتُلَهُ خاف من الشعب. لأنه كان عندهم مثلَ نبي.ثم لمّا صار مولدُ هيرودُسَ رقصت إبنةُ هيروديا في الوسط فسرّت هيرودُس. من ثمَّ وعدَ بقَسَمِ أنه مهما طلبتْ يُعطيها. فهي إذْ كانت قد لقّنتْ من أمها قالت أعطني ههنا على طَبَقٍ رأسَ يوحنا المعمدان. فإغتمَّ الملكُ. ولكن من أجل الأقسام والمتكين معه أمر أنْ يُعطى. فأرسلَ وقطعَ رأسَ يوحنا في السجن. فأُحضِرَ رأسُه على طَبَقٍ ودُفِعَ إلى الصبيّة. فجاءت به إلى أُمّها. فتقدم تلاميذه ورفعوا الجسدَ ودفنوه. ثم أتوا وأخبروا يسوعَ )).
نقرأ في هذا الكلام ما يلي :
: يعتقد هيرودُس إنَّ يسوع المسيح هو يوحنا المعمدان الذي قطع رأسه ثم قام من الأموات.
: وقف رجل من عامة الناس لا حول له ولا سلطان... وقف بوجه الملك وصارحه أنَّ زوجة أخيه لا تحل له. عزم على قتله إذ وقف دون تحقيق مأربه بالزواج من أرملة أخيه أو ربما مطلقته. كان هيرودُس يهودياً والتوراة تعتبر الرجل الذي لا يتزوج أرملة أخيه شخصاً مرذولاً. أي أنها تشجع وتحض على مثل هذا الزواج. كما أن الديانة المسيحية التي بدأت تنتشر يومذاك لا تمنع مثل هذا الزواج ولا تُحرِّمه. فلماذا وقف يوحنا المَعمَدان في وجه هذا المشروع وحرَّم صفقة الزواج ؟ هل أنَّ هذا النوع من الزواج محرَّمٌ لدى الصابئة المندائيين ؟ لا أدري. إنْ كان الأمر كذلك فالمندائية ديناً تختلف في هذه المسألة عن باقي الأديان الثلاثة إختلافاً واضحاً. [[ أنتظر توضيحاً من الأخوة المندائيين ]].
: إن هيرودُس لم يجرؤ على قتل المَعمَدان خوفاً من الشعب.كان هناك إذاً شعبٌ أو رأيٌ عامٌ يخشاه الحاكم ويحسب له ما يستحق من حساب
: لانَ هذا الحاكم أمام رقصة صبية جلبت لنفسه المسرة فقدم لها ما أرادت أمها هيروديا : رأس يوحنا على طبق. إغتمَّ في أول الأمر وتهيب من الإقدام على تنفيذ جريمة قتل هذا الإنسان البريء. لكن شجعه على إتيان هذا العمل الشنيع أمران / القَسَم الذي قطع على نفسه في أن ينفذ كل ما تطلب الصبية التي آنسته منه. ثم، وهذا أمر آخر طريف، ضغط الحاشية [ المتكين معه ] التي كانت محيطة به في أن ينفذ ما كان قد وعد. حاشية السوء، يبدو أن رأي وإرادة هذه الحاشية كانتا رهن إشارة السيدة هيروديا، العدو الألد ليوحنا المَعمَدان الذي حاول الوقوف بينها وبين الزواج من هيرودُس. مَن كانت هذه المرأة وما كانت زمان حياة زوجها فيلِبُس الذي كان بدوره رئيس رُبعٍ على إيطورية وغيرها من الكُوَر في زمان حكم القيصر الروماني طيباريوس ووالي اليهودية بيلاطس ؟ هل قتله أخوه هيرودُس غيلةً وحلَّ محله من حيث الوظائف والمسؤوليات وً طمعاً بمناصبه ثم بزوجه هيروديا كما فعل فيما بعد ( كلوديوس ) ، عم هاملت، مع أخيه ملك الدنمارك. قتل أخاه وتزوج من أرملته { مسرحية هاملت لشكسبير}. ليس في يدي من المصادرما ينفي أو يؤكد هذه الفرضيات والتساؤلات والتكهنات. على أنَّ أكثر الأمور أهمية هو ما ورد في مطلع هذا الجزء من الإصحاح الرابع عشر.
: وضعت هذه القصة حسب تفصيلاتها ونتائجها المأساوية أُسس ما يُسمى بسياسة ودبلوماسية المغريات الطاغية : الجنس والخمور وفنون الغناء والرقص... فضلاً عن دبلوماسية الرشاوى وإغراءات الذهب والأحجار الكريمة. في توراة اليهود الكثير من هذه القصص أحد أبرزها قصة إغراء ( دليلة ) لتطويع الجبّار ( شمشون ) . وقبل ذلك أمامنا في ملحمة جلجامش السومرية قصة صيد وتطويع وتدجين وحش البراري أنكيدو من قبل البغي ( شمهات أو شمخة أو سمحاء ) حسب تعليمات جلجامش.
: إصرار هيرودُس على أن عيسى هو يوحنا الذي قطع رأسه ثم قام من الأموات. سيتكرر هذا الإصرار فيما يلي من الأناجيل، وذلك هو الأمر الهام الذي إستوقفني ورفع أمامي موضوعة البحث الرئيسة : علاقة يوحنا بعيسى الملتبسة تأريخياً لا دينياً.
إنجيل مرقس / الإصحاح السادس / 14 – 29
(( فسمِع هيرودُس الملك. لأن إسمه صار مشهوراً. وقال إنَّ يوحنّا المَعمَدان قام من الأموات ولذلك تُعمَلُ به القوّات. قال آخرون إنه إيليّا. وقال آخرون إنه نبي أو كأحد الأنبياء. ولكنْ لما سَمِع هيرودُس قال هذا هو يوحنّا الذي قطعتُ أنا رأسه. إنه قام من الأموات. لأنَّ هيرودُس نفسه كان قد أرسل وأمسك يوحنّأ وأوثقه في السجن من أجل هيروديا إمرأةِ فيلبُس أخيه إذ كان قد تزوج بها. لأنَّ يوحنا كان يقول لهيرودُس لا يحِلُّ أن تكونَ لك إمرأةُ أخيك. فحَنِقَت هيروديا عليه وأرادت أن تقتله ولم تَقدِر. لأنَ هيرودُس كان يهابُ يوحنّا عالِماً أنه رجلٌ بارٌ وقديّس وكان يحفظه. وإذْ سمِعه فعلَ كثيراً وسمِعه بسرور. وإذْ كان يومٌ موافقٌ لمّا صنع هيرودُسُ في مولده عشاءً لعظمائه وقوّاد الألوف ووجوه الجليل. دخلت إبنةُ هيروديا ورقصت فسرّتْ هيرودُسَ والمتكين معه. فقال الملكُ للصبيّة مهما أردتِ أُطلبي مني فأُعطيكِ . وأقسمَ لها أنْ مهما طلبتِ مني لأعُطينكِ حتى نصف مملكتي. فخرجت وقالت لأمها ماذا أطلبُ. فقالت رأسَ يوحنّا المَعمَدان. فدخلت للوقتِ بسرعةٍ إلى الملك وطلبتْ قائلةً أُريدُ أنْ تُعطيني حالاً رأسَ يوحنّا المَعمَدان على طَبَق. فحَزِنَ الملكُ جدّاً. ولأجل الأقسام والمتكّين لم يُردْ أن يردها. فللوقت أرسلَ الملكُ سيّافاً وأمرَ أنْ يؤتى برأسه. فمضى وقطعَ رأسه في السجن. وأتى برأسه على طَبَق وأعطاه للصبيّة والصبيّة أعطته لأمها. ولمّا سَمِعَ تلاميذهُ جاءوا ورفعوا جُثّته ووضعوها في قبر )).
ما نقرأ في فقرات هذا الإصحاح ؟
: نعت هيرودُس بالملك بعد أن كان مجرد رئيس رُبع، وهو تقسيم عسكري.
: إصرار هذا الملك أنَّ عيسى هو يوحنا الذي قطع رأسه وقام من عالم الموت.
: إصرار يوحنا على منع زواج الملك من هيروديا، زوج أخيه فيلِبُس.
: حضر حفل عشاء يوم ميلاده عظماء وقوّاد الألوف ووجوه الجليل. أرى في تفسير " قواد الألوف " أن هؤلاء الرجال كانوا " أُمراء
أفواج " في المفهوم الحديث لتقسيم الوحدات العسكرية. يتكون الفوج
من ثلاث سرايا، وتضم السرية في العادة ثلاث مائة جندي وضابط صف وضابط، فيكون مجموع ثلاث سرايا ألف رجل. وآمر الفوج اليوم يسميه الإنجيل " قائد الف ".
: كما نلاحظ شدة خبث وذكاء هيروديا وعمق حقدها على رجل دين بار وقدّيس إلتزم بما يؤمن من عقائد وشرائع وطقوس وتحمل جرّاها السجن ومن ثم القتل بقطع الرأس. ثم، يُخيل لي، أنَّ هيروديا هي مهندس ومخطط مؤامرة قتل يوحنا. كانت تعرف جيداً مقدار ولع الملك بالرقص والطرب فأعدت إبنتها إعداداً فنياً جيداً لكي تقدم عرضاً راقصاً متميزاً أمام الملك وضيوفه من علية القوم إحتفالاً بذكرى مولده والقوم على موائد الطعام والشراب بالطبع. حين إنتشى الملك بالعروض الراقصة للصبية وتحت تأثير الخمرة في رأسه وبهجة الإحتفال بيوم ميلاده... وعدها أن يعطيها ما تشاء... حتى لو طلبت نصف مملكته. هنا حانت أمام هيروديا الفُرصة الذهبية النادرة التي خططت لها بدهاء فأوعزت لإبنتها أن تطلب من الملك رأس الرجل الصالح يوحنّا المَعمَدان. فكّر الملك طويلاً وحزن وإغتمَّ : كيف يقتل رجلاً قديساً ؟ وجد نفسه محاصراً بأكثر من أمر. القَسَم والوعد الذي أعطى ثم ضغط قوّاده ووجوه خاصته الذين كانوا متواطئين سَلَفاً مع هيروديا.
: أخيراُ ... نرى في هذا الإصحاح أنَّ هيرودُس قد تزوج هيروديا بالفعل.
إنجيل لوقا / الإصحاح الثالث / 15 – 20
(( وإذْ كان الشعبُ ينتظرُ والجميعُ يفكِّرون في قلوبهم عن يوحنّا لعله المسيحُ. أجاب يوحنا الجميعَ قائلاً أنا أُعمِّدكم بماءٍ ولكنْ يأتي مَن هو أقوى منّي الذي لستُ أهلاً أنْ أَحُلَّ سيورً حذائه. هو سيُعمِّدكم بالروحِ القُدس ونارٍ. الذي رفشه في يدهِ وسينقّي بيدره ويجمعُ القمحَ إلى مخزنهِ. وأمّا التِبنُ فيحرقه بنارٍ لا تنطفيء. وباشياءَ أُخرَ كثيرةٍ كان يعظُ الشعبَ ويُبشِّرهم. أما هيرُدُسُ رئيس الرُبعِ فإذْ توبّخَ منه لسبب هيروديا إمرأةِ فيلُبس أخيه ولسبب جميع الشرور التي كان هيرودُسُ يفعلها. زادَ هذا أيضاً على الجميع أنه حبسَ يوحنا في السجن )).
إنَّ قراءة هذا النص ترينا ما يلي /
: العودة إلى تسمية هيرودُس لا بالملك، إنما برئيس الرُبع.
: الفصل الحاسم والشديد الوضوح بين يوحنا والمسيح بإقرار وشهادة يوحنا نفسه [[ أنا أُعمِّدكم بماءٍ ولكنْ يأتي من هو أقوى مني الذي لستُ أهلاً أنْ أَحُلَّ سيورً حذائه ]]
: كان عيسى يحتذي نعلاً أو حذاءً.... شأن باقي بسطاء الناس على الأرجح.
: لم يقطع هيرودُس في التسلسل الزمني لهذا الإصحاح رأس يوحنا المَعمَدان، بل وضعه في السجن. أي أنَّ الكلام قد جرى قبل إحتفالية هيرودس بعيد ميلاده. كانوا يحتفلون إذاً بذكرى أعياد ميلادهم ويحفظون مواعيدها بدقة.
إنجيل يوحنا / الإصحاح الثالث / 22 – 29
(( وبعد هذا جاء يسوعُ وتلاميذه إلى أرض اليهودية ومكث معهم هناك وكان يُعمِّد. وكان يوحنا أيضاً يُعمِّد في عين نونٍ بقُربِ ساليمَ لأنه كان هناك مياهٌ كثيرةٌ وكانوا يأتون ويعتمدون. لأنه لم يكنْ يوحنا قد أُلقيَ بعدُ في السجن. وحدثت مباحثةٌ من تلاميذ يوحنا مع يهود من جهة التطهير. فجاءوا إلى يوحنا وقالوا له يا مُعلِّم هوذا الذي كان معك في عِبِر الأردن الذي أنت قد شَهِدتَ له هو يُعمِّدُ والجميعُ يأتون إليهِ. أجاب يوحنا وقال لا يقدِرُ إنسانٌ أن يأخذَ شيئاً إنْ لم يكنْ قد أُعطيَ من السماء. أنتم أنفُسكم تشهدون لي أني قلتُ لستُ أنا المسيحَ بل إني مٌرسَلٌ أمامه )).
قراءة النص /
: كان يوحنا ويسوع كلاهما وفي عين الوقت يقومان بعملية تعميد الناس.
: كان يوحنا حينذاك ما زال طليقاً لم يدخل السجن بعد.
: يبحث تلاميد يوحنا مسألة التطهير مع اليهود. هل التطهير مختلف عن التعميد أم أنهما شيء واحد ؟ تطهير لليهود وتعميد لأنصار عيسى يسوع ؟
: تأكيد يوحنا من إنه ليس المسيح عيسى [[ أنتم انفسكم تشهدون لي أني قلتُ لستُ أنا المسيحَ بل إني مٌرسَلٌ أمامه ]]. إنه رسول المسيح يُبشِّر الناس بمقدمه. ماذا عن دينه وشرعته وشروط بعثته ؟ إتفق مع المسيح في مسألة التعميد في مياه نهر الأردن وبعض العيون ولا شيء غير ذلك. هل كان متطابقاً كليةً مع تعاليم المسيح ؟ من يتفحص جيداً كل أقوال يوحنا التي وردت في الأناجيل لا بدَّ من أن ينتهي إلى قرار خطير مؤداه أنْ لا فرق بين منطق وأسلوب الرجلين على الإطلاق.
فهل كان هيرودُس على صواب في دعاويه أنَّ عيسى هو يوحنا المَعمَدان الذي قطع رأسه ثم قام من عالم الموت ؟ هذا هو السؤال المحيّر. ثم هل نصدق أن رجلاُ فارق الحياةَ مقطوعَ الرأس يقوم من الموت ليلتحق بعالم الأحياء ؟ ما الذي دعا هيرودُس – سواء أكان ملكاً أو رئيسَ رُبعٍ – للإعتقاد أنَّ في إمكانية بعض الموتى الرجوع إلى الحياة ولماذا يرجعون ومن الذي يقوم بمهمة إرجاعهم ؟؟ هل هي عملية إستنساخ لأرواح بعض البشر أو جميعهم وتحت أية شروط ؟؟
هل هو الشعور بتأنيب الضمير إذ وافق في لحظة سكر ونشوة وطرب على قطع رأس رجل بريء ؟ هل هي أمنيته قاتلاً وتحت وطأة تأنيب الضمير أن يعودَ من قتل حيّاً إلى الحياة ؟
يوحنّا المَعمَدان ( يحيى بن زكريا ) في القرآن – قصة مولده
جاءت قصة مولد يحيى بن زكريا مرتين في القرآن الكريم. مرة في سورة آل عِمران والأخرى في سورة مريم. يأتي مولد يحيى في سورة آل عِمران مباشرةً بعد مولد الطفلة مريم بنت عِمران. تولَدُ مريم ولادةً طبيعية بينما يولد يحيى بمعجزة كما سنرى. أما في سورة مريم فيأتي السرد القرآني لمولد يحيى قبل مولد عيسى، على أنًَّ كليهما نتاج معجزة وإنْ إختلفت معجزة ميلاد يحيى عن معجزة مولد عيسى المسيح . ما سبب هذا الربط ؟ هل نفهم من السرد القرآني أنَّ عيسى قريبٌ ليحيى بن زكريا دون ذكرٍ لهذه القرابة ولا لدرجة القُربى. كل ما نفهمه واضحاً صريحاً أنَّ زكريا كان قد كفل الوليدة مريم بنت عِمران. ولِمَ هذه الكفالة ما دام أبوها على قيد الحياة ؟ هل إنه توفي قبل مولد الطفلة مريم وهي لم تزل في بطن أُمها ؟ الكفالة هذه لا تعني بالضرورة أنَّ الكفيل قريب لمكفوله لكنها لا تنفيها.
نقرأ في سورة آل عمران قصة مولدي مريم أولاً ثم يحيى بن زكريا.
سورة آل عِمران / 34 – 40
(( إذ قالت إمرأةُ عِمرانَ ربِّ إني نذرتُ لك ما في بطني مُحَرراً فتقبّلْ منّي إنك أنتَ السميعُ العليمْ. فلما وضعتها قالت ربّي إني وضعتها أُنثى والله أعلمُ بما وضعتُ وليس الذَكرُ كالأنثى وإني سميّتُها مريمَ وإني أُعيذها بك وذًريتها من الشيطانِ الرجيم. فتقبّلها ربُّها بقَبولٍ حَسَنٍ وأنبتها نباتاً حَسَناً وكفَّلها زكريا كلّما دخلَ عليها زكريا المحرابَ وجدَ عندها رِزقاً قال يا مريمُ أنّى لكِ هذا قالت هو من عندِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرزُقُ من يشاءُ بغير حساب. هنالك دعا زكريا ربَّهُ قال ربّي هبْ لي من لَدُنكَ ذُريةً طيّبةً إنك سميعُ الدُعاء. فنادته الملائكةُ وهو قائمٌ يصلّي في المحرابِ أنَّ اللهَ يُبشِّرُك بحيى مُصدِقاً بكلمةٍ من اللهِ وسيّداً وحصوراً ونبيّاً من الصالحين. قال ربِّ أنى يكونُ لي غُلامٌ وقد بلغني الكِبَرُ وإمرأتي عاقرٌ قال كذلك اللهُ يفعلُ ما يشاءُ )).
أنجب إبراهيم قبل زكريا وقد بلغ من الكِبَرِ عتياَ وإشتعل رأسه شيباً. معجزة إنجاب غير طبيعي تتكرر مرتين ومع نبيين. ففي سورة هود نقرأ ما يلي
(( وإمرأتُه قائمةٌ فضَحِكتْ فبشّرناها بإسحقَ ومن وراءِ إسحقَ يعقوبَ. قالت يا ويلتي أألدُ وأنا عجوزٌ وهذا بعلي شيخاً إنَّ هذا لشيءٌ عجيب / الآيات 71 – 72 )) .
سورة مريم
نجد في هذه السورة معجزة ولادتي كل من يحيى ثم عيسى المسيح. جاءت هنا ولادة يحيى بن زكريا بصياغة لا أحلى منها ولا أجمل. تفوّقت على تلك التي قرأناها في سورة آل عِمرانَ صياغةً وأسلوباً وموسيقى وأشكالاً فنية بالغة الروعة حتى أنَّ المرء لا يَملُّ من قراءتها مثنىً وثُلاثَ ورُباعَ. سأذكر أولاً الآيات الخاصة بمعجزة مولد يحيى وأعلّق عليها أو أحاول تفسير بعض القضايا التي تحتمل التأويل والتفسير وتلك التي ما زالت موضع جدلٍ ونقاشات بين رجال العلم ورجال الدين. بعد الفروغ من ذلك سأتفرغ للجزء الخاص بمولد عيسى بن مريم المسيح. لفت نظري ما ذكر القرآن الكريم من سجايا وأوصاف وما أسبغ من تكريم وتعظيم لكلا الرجلين حتى أنَّ الكلام عن أحدهما ينطبق على الآخر تماماً. هل هما رجلان في نبي واحد أم نبيان في رجل واحد ؟ وهل كان هيرودُس على صواب حين إشتبه عليه الرجلان فلم يعد يفرِّق بين هذا وذاك ؟ القتيل إنتفض وقام من موته !!
(( كهيعص. ذِكرُ رحمةِ ربّكِ عَبدَهُ زكريا. إذْ نادى ربَّه نداءً خفياً. قالَ ربِّ إني وَهَن العَظمُ مني وإشتعلَ الرأسُ شيباً ولم أكنْ بدعائكَ ربِّ شقياً. وإني خِفتُ المواليَ مِن ورائي وكانت إمرأتي عاقراً فَهَبْ لي مِن لَدُنكَ وليّاً. يَرثُني وَيَرِثُ من آلِ يعقوبَ واجعلهُ ربِّ رّضيّاً. يا زكريا إنّا نبشِرُكَ بغُلامٍ إسمهُ يحيى لم نجعلْ لهُ من قبلُ سميّاً. قال ربِّ أنّى يكونُ لي غُلامٌ وكانت إمرأتي عاقراً وقد بلغتُ من الكِبَرِ عِتيّاً. قال كذلك قال ربُّكَ هو عليَّ هَيّنٌ وقد خلقتك من قَبْلُ ولم تكُ شيئاً / الآيات 1- 9 )).
ماذا نرى في آيات سورة مريم هذه عند إعمال التفكير ومساءلة منطوق الحوار بين الشيخ الطاعن في السن زكريا وربّه ؟؟
: إنه يطلب من ربه أن يهبه ولياً، أي طفلاً يليه ويرثه من ثم كل ما يملك من أموال ومواشٍ وبيوت ومزارع. إنه يخشى في حالة موته أن يستولي على أملاكه وأمواله مواليه (( وإني خِفتُ الموالي من ورائي ))، أي من يواليه من خَدَمٍ وحَشمٍ وعبيد.
: وحين بشّره الوحي بمجيء غلام إسمه يحيى ( ما كان هذا الإسمُ معروفاً وقتذاك ) وجّه سؤالاً إستنكارياً قوياً (( قال ربي أنّى يكونُ لي غُلامٌ وكانت إمرأتي عاقراً وقد بلغتُ من الكِبَرِ عِتيّاً ؟؟ )).
: مفهومة مسألة أن يَرِثَ يحيى أباه فيما يملك ولكنْ، كيف نفهم أن يرِثَ يحيى من آل يعقوبَ أي من نسل وآل وخاصية نبي اليهود يعقوب بن إسحق ( إسرائيل ) ؟ هذا يعني أنَّ زكريا نفسه كان يهودياً وأنَّ إبنه يحيى سيكون شريكاً لورثة ونسل يعقوب بن إسحق. هذه نقطة جوهرية لأن يوحنا المَعمَدان ( يحيى بن زكريا ) هو نبي طائفة الصابئة المندائيين التي لا علاقةَ لها باليهود... من وجهة نظر الديانة الخالصة.
ثمة سؤال لا أراه ساذجاً ولا خبيثاً ولا من باب التجديف : كيف سوّغ زكريا لنفسه أن يتهم إمرأته بأنها عاقرٌ فلم تُنجب له أطفالاً ؟ هل سأل نفسه أنه ربما يكون هو العاجز أو العاقر أو حتى غير القادر على الإنجاب ؟؟ كان تعدد الزوجات شائعاً ومقبولاً ومبذولاً في ذلك الزمان، فما الذي منع زكريا – لو كانت زوجه هي العاقر وليس هو – من أن يتزوج أخرى سواها أو كثيرات غيرها من أجل ضمان إنجاب ذرية صالحة ترثه وتحافظ على خطه في الحياة ؟؟!! أفلمْ يتزوج قبله إبراهيم من هاجر المصرية بإقتراحٍ من زوجه الأولى وأخته غير الشقيقة سارة أو ساراي لكي تنجب له إسماعيل ؟؟ أفهم اليوم أن تعدد الأزواج محرَّمٌ لدى طائفة الصابئة المندائيين، أهو تقليد جاءهم من زكريا وأحكام زمانه ؟؟ يبدو الأمر كذلك.
جاء يحيى للدنيا إذاً بمعجزة، ذاك لأنَّ اباه كان كَبُر ووهنت عظامه وأعصاب عضلات أجهزته الجنسية المسؤولة عن عملية الإتصال والتخصيب... وكانت أمه إمرأةً عاقراً... مع ذلك كانا قد أنجباه بقدرة ربانية خارقة للعادة والمألوف من أمر البشر (( قال كذلك قال ربًّك هو عليَّ هيّنٌ وقد خلقتك من قبلُ ولم تكُ شيئاً )). خلق اللهُ زكريا من لاشيء... أما يحيى فلقد جاء من شيئين ... إمرأة ورجل عاجزين. فالمجيء من [ شيء ] أيسر من المجيء من [ لا شيء ].
ما كانت صفات وسجايا ومواهب يحيى ؟ سنراها لا تختلف عن تلك التي قيلت أو التي ستُقال في عيسى .
(( يا يحيى خذْ الكتابَ بقوّةْ وآتيناهُ الحُكمَ صبيّاً. وحَناناً من لَدُنا وزكاةً وكان تقيّاً. وبَرّاً بوالديهِ ولم يكنْ جبّاراً عصيّاً. وسلامٌ عليهِ يومَ وُلِدَ ويومَ يموتُ ويومَ يُبعَثُ حيّاً )).
نعود لسورة مريم ونتوقف عند ولادة عيسى المسيح إبن مريم العذراء التي لم يمسسها بشرٌ. معجزة أخرى ليست مسبوقة.
(( واذكرْ في الكتابِ مريمَ إذْ إنتبذتْ من أهلها مكاناً شرقياً. فاتخذتْ من دونهم حِجاباً فأرسلنا إليها روحَنا فتمثّلَ لها بَشَراً سويّاً. قالتْ إني أعوذُ بالرحمن منكَ إنْ كنتَ تقيّاً. قال إنما أنا رسولُ ربّكِ لأهَبَ لكِ غُلاماً زكيّاً. قالت أنّى يكونُ لي غُلامٌ ولم يمسسنيِ بَشَرٌ ولم أكُ بغيّاً. قال كذلك قال رَبُّكِ هو عليَّ هيّنٌ ولِنجعلهُ آيةً للناسِ ورحمةً مِنّا وكانَ أمراً
مقضيّاً ))..... ثمَّ :
(( قال إني عبدُ اللهِ آتاني الكتابَ وجعلني نبياً. وجعلني مباركاً أين ما كنتُ وأوصاني بالصلاةِ والزكاةِ ما دمتُ حيّاً. وَبَراً بوالدتي ولم يجعلني جبّاراً شقيّاً. والسلامُ عليَّ يومَ وُلِدتُ ويومَ أموتُ ويومَ أُبعَثُ حيّاً )).
أدعو القاريء الكريم أن يتساءل معي عن سر التطابق التام بين ما قيل في يحيى بن زكريا وبين ما قيل بعد ذلك في عيسى المسيح . سأعقد مقارنة بسيطة لتوضيح قصدي وتقريبه من رؤية القاريء الكريم :
زكريا و يحيى مريم وعيسى
--------------- --------------
قال ربِّ أنّى يكونُ لي غُلامٌ... قالت أنّى يكونُ لي غُلامٌ...
يا يحيى خُذْ الكتابَ بقوّةٍ... آتاني الكتابَ وجعلني نبيّاً
وحناناً من لدُنّا وزكاةً وكان تقيّاً وجعلني مُباركاً أين ما كنتُ
وبَراً بوالدته ... وبَراً بوالدتي ...
ولم يكنْ جبّاراً عصيّاً ولم يجعلني جبّاراً شقيّاً
وسلامٌ عليهِ يومَ وُلِدَ والسلامُ عليَّ يومَ وُلدتُ
ويومَ يموتُ... ويومَ أموتُ....
ويومَ يُبعَثُ حيّاً ويومَ أُبعَثُ حيّاً
ما السر في هذه الموازنة والتطابق ؟ سوى أنَّ الكلام فيما يخص يحيى جاء بصيغة ضمير الغائب ( هو ) في حين كان المعجزة عيسى هو الناطق المتكلم بإعتباره إعجازاً في الولادة وإعجازاً في الكلام وهو ما زال في المهد (( فأشارت إليه قالوا كيف نُكلِّمُ مَن كان في المهدِ
صبيّاً )) ؟؟ معجزة النطق المبكّر كانت خاصة بعيسى لذا هو من تولى الدفاع عن أمه وعرض ما يحمل من خصائص ميّزه الله بها من نبوّةٍ وأن يكون مُباركاً وبًراً بوالدتهِ وأن يقيم الصلاة ويحفظ الزكاةَ ثم يدعو هو لنفسه بالسلام في الحالات الثلاث : يوم المولد ويوم الوفاة ويومَ البعث. الكلام هنا بضمير الحاضر لا الغائب.
هل كان الخبيث هيرودُس على حق في زعمه أنْ ما عيسى صاحب التعميد والخوارق إلاّ يوحنا المَعمَدان الذي قطع رأسه ثم قام حيّاً من عالم الموتى ؟!!
الصابئة في القرآن
قلتُ في مطلع الدراسة هذه أنْ لم يردْ أي ذكر للصابئة أو المندائيين في التوراة ولا في الأناجيل المعروفة. بل ولا حتى فيما ترك ملك بابل الكلداني نبوخَذ نُصّر من كتابات مسمارية محفورة فك علماء الآثار رموزها ... عراقيون وغير عراقيين. ذكرتُ بابل الكلدانية بالذات لأنَّ من المؤرخين من يعتقد [ أو يزعم أو يتكهن ] بأن الصابئة المندائيين جاءوا بابل مع اليهود الذين سباهم نبوخذ نُصّر من أُورشليم في حدود 550 قبل الميلاد. لو كان الأمر كذلك (( وهو ليس كذلك )) لجاء ذكرهم فيما كتب اليهود المسبيون وفيما دوّنوا وهم على أرض منفاهم في بابل وخلال حُقبة السبي والنفي تلك. أخص بالذكر سفري ( حزقيال ودانيال ) الذين كُتبا في بابل وأرّخا للأحداث الصاخبة حينذاك التي غيّرت مجرى تأريخ العراق القديم.... أقصد الدمار الذي أحاق ببابل على يد الملك ( كورش ) ونزوح بعض المسبيين إلى بلاد فارس ورجوع غالبيتهم إلى فلسطين. فهل صابئة إيران الحاليين هم كذلك ممن نزح مع اليهود إلى إيران الفارسية حينذاك ؟؟ إذا كانوا قد جاءوا بابل مع اليهود المسبيين من فلسطين فما الذي يمنعهم أو بعضهم من الهجرة مع اليهود إلى بلاد فارس ؟؟ إذا صح ذاك الفرض صحَّ هذا. ليس في الكتب المندائية - حسب علمي - ما يُثبت أو ما يُشير إلى هذه الفرضيات والمزاعم.
علمياً... ليس في الوسع الجزم أنَّ الأحناف أو الحنيفيين الذين ورد ذكرهم في القرآن مراراً هم الصابئة أو الصابئة المندائيون. ذاك لآنَّ القرآن قد ذكرهم بالإسم (( صابئة أو صابئون )) في عدة سور كما سنرى بعد قليل. ثم إنَّ المفسرين واللغويين يقولون إنَّ الفعلين ( حّنفَ ) و( صبأَ ) يعنيان [[ الخروج على دين القوم، وهو أمرٌ يصح قوله في إبراهيمَ والرسول معاً لرفضهما التعبّد للأصنام التي تعبّد لها قومهما ]]
(2) أو [[ الخروج عن سائر أديان أهل الأرض ]] (4 ) . فإبراهيم الذي شذّّ عن دين أبيه وقومه في عبادة الأصنام التي إنهال عليها ضرباً وتكسيراً... حكموا عليه بالموت حرقاً بالنار التي لم تنلْ منه (( يا نارُ كوني بَرداً وسلاماً على إيراهيمَ )).... هذا التفسير اللغوي لا يقول لنا ما كان أصل دين الصابئة قبل أن (( يصبأوا )) وينحرفوا عنه إلى المندائية ؟ ثم ما هي أسباب ودوافع وظروف هذا الإنحراف عن الأصل ؟؟ يقول مؤرخون آخرون إن دين الصابئة في الأصل مزيح أو خلطة توفيقية من اليهودية والمسيحية والمجوسية ثم الإسلام فيما بعد. الصابئة المندائيون ينفون ذلك بشكل قاطع وأراهم محقين.
نرجع لصابئة القرآن... الكلام في القرآن عنهم يعني أنهم كانوا في مكة والمدينة وباقي أجزاء جزيرة العرب قبل الإسلام... سويةً مع اليهود والنصارى والمجوس.
ملاحظة : يذهب المؤرخون والفلاسفة المعاصرون إلى إدراج معتنقي هذه الديانة تحت مصطلح (( غنوصيين )).
أين وضع القرآنُ الصابئة ؟ وضعهم على قدم المساواة مع معتنقي الأديان الثلاثة الأخرى : المسلمين واليهود والنصارى....مأجورين عند ربهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون... ولكن بشروط يخضعون لها جميعاً دونما تمييز هي // الإيمان بالله واليوم الآخر وإتيان الأعمال الصالحة. إذاً لا معنى لإدّعاء بعض مؤرخي المسلمين ( 3) < وربما
غيرهم > من أنَّ الصابئة هم من عَبَدة الأوثان أو الكواكب والنجوم. فلقد تكلم المسعودي (4) في كتابه مروج الذهب / الجزء الثاني تحت باب البيوت المُعظَّمة والهياكل المُشرَّفة للصابئة فقال {{ للصابئة الحرانيين هياكل على أسماء الجواهر العقلية والكواكب وعن بيت لهم بمدينة حرّان وهو هيكل آزرَ أبي إبراهيم الخليل... وللقاضي إبن عيشون الحراني قصيدة طويلة يذكر فيها مذاهب الحرانيين المعروفين بالصابئة، ذكر فيها هذا البيت وما تحته من السراديب الأربعة المُتَّخِذة لأنواع صور الأصنام التي جُعِلتْ مثالاً للأجسام السماوية..../ الصفحات 236 – 237 }} . قال المسعودي هذا الكلام في العام 332 الهجري.
لقد خصَّ المسعودي طائفة بعينها أسماهم [[[ الصابئة الحرانيين ]]]... ومن نقاشاتي مع الكثير من الأخوة المندائيين كانوا جميعاً يؤكدون أنَّ الصابئة الحرانيين هم غير الصابئة المندائيين. أؤلئك كانوا وثنيين أو عَبَدة الكواكب والنجوم، أما المندائيون فإنهم توحيديون يؤمنون بالله شأنهم شأنُ أتباع الديانات الثلاثة الأخرى ... المسلمين والمسيحيين ثم اليهود. غير أنَّ الباحث المندائي الصابئي الفذ الأستاذ ( عزيز سباهي ) ينفي في مؤلفه القيّم ( في الصفحة 30 من المصدر رقم 1) هذا التقسيم ويذهب إلى إعتبار الجماعتين جماعة واحدة تؤمن بالتوحيد... أي لا فرق بين صابئي حرّاني وصابئي مندائي... الكل واحد.