فيدل كاسترو: ستون عاماً في السياسة وستة أوجه
هافانا -(أ ف ب) – يحتفل زعيم الثورة الكوبية فيدل كاسترو السبت بتسعين عاما على ولادته نجا خلالها من اكثر من 600 محاولة اغتيال وتحدى عشرة رؤساء اميركيين وواكب اكثر من نصف قرن من التاريخ.
والرجل الذي يتساوى عدد محبيه بعدد الذين يكرهونه، وبرهن على انه عدو شرس ويثير اعجاب النساء، هو احد العمالقة السياسيين للقرن العشرين.
في ما يلي الوجوه الستة “للقائد الاعلى”:
– خبير استراتيجي
في 1959 دخل فيدل هافانا منتصرا. فصاحب اللحية السوداء والبزة العسكرية الذي لم يخضع لاي تأهيل عسكري ويحمل دكتوراه في الحقوق في الثانية والثلاثين من العمر، هزم جيشا من ثمانين الف رجل مع “ثواره الملتحين”، واطاح فولغنسيو باتيستا الرئيس المستبد الذي كان في السلطة.
وقال علي رودريغيز المقاتل السابق وسفير فنزويلا الحالي في كوبا، لوكالة فرانس برس ان كاسترو وبطبيقه “عقيدته العسكرية الخاصة، تمكن من “تحويل مقاتلين في حرب عصابات الى سلطة موازية تتألف من هؤلاء المقاتلين ومنظمات سرية وشعبية”.
وبعدما افشل المؤامرات التي دعمتها واشنطن، ارسل فيدل 386 الف كوبي للقتال في انغولا واثيوبيا والجزائر. وبين 1958 و2000 نجا من 634 محاولة اغتيال، على حد قول الرئيس السابق للاستخبارات الكوبية فابيان ايسكالانتي.
وكان فيدل الذي لا يفارق مسدسه “ما لم نمت جميعا موتا طبيعيا، فاننا لا نريد ان يتقدم الموت لحظة واحدة”.
– رجل جذاب
وميرسيدس غونزاليس الكوبية التي تبلغ من العمر 59 عاما لم تر “القائد الاعلى” عن قرب سوى مرتين لكنها استسلمت “لجاذبية فيدل”. وتقول “اعجبت به كثيرا! لم استطع ان امنع نفسي من النظر اليه والقول له: احبك!”.
وقد اثار مظهره كمقاتل وخطبه الطويلة اعجاب الجماهير بما في ذلك خصوصا النساء والسياسيين والفنانين.
وقال سالومون سوزي مؤلف كتاب “قاموس فكر فيدل كاسترو” انه “رسم لنفسه صورة عامة جذابة جدا” تشكل “جزءا من اسطورة فيدل”.
وعلى الرغم من حيويته وانفتاحه، كان متحفظا في ما يتعلق بحياته الخاصة. وكل ما هو معروف عنه هو انه تزوج مرتين ورزق بسبعة ابناء من ثلاث نساء. وهو يرى ان “الحياة الخاصة برأي يجب الا تكون اداة للدعاية او السياسة”.
– العدو
تصفه المنشقة مارتا بياترس روك (71 عاما) بانه “مغرور واناني ونرجسي”. وتضيف ان الذين جرأوا على مقاومته عاشوا “السجن والضرب والاقصاء”.
وخلال نصف قرن تحدى فيدل كاسترو عشرة رؤساء للولايات المتحدة وحكم بقبضة من حديد واتبع سياسة قمع حيال المعارضة ادت الى ادانة كوبا مرات عدة من قبل لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة (التي لم تعد موجودة حاليا).
في 1959 تمرد رفيق دربه القومندان اوبر ماتوس فحكم عليه بالسجن 20 عاما. وفي “الربيع الاسود” في 2003 سجن 75 منشقا واعدم ثلاثة اشخاص رميا بالرصاص.
وقالت روك ان ان كاسترو الذي رفض الدعوات الى الانفتاح ووصف “بالمرتزقة” معارضيه “سيبقى ديكتاتورا”.
– الاسطورة
عندما اعلن فيدل انتصار الثورة الكوبية في 1959، كان عدد من طيور الحمام تحيط به وحطت واحدة على كتفه. رأى احدهم حينذاك انها اشارة خارقة للطبيعة.. ومنذ لذك الحين لم تتوقف الخرافات.
وفي بلد تمتزج فيه المسيحية بديانات افريقية، اعتقد الكوبيون ان فيدل تحميه “اوباتالا” اقوى آلهة “الاوريشا” في معتقدات شعب اليوروبا.
حتى ان اعتقادا ساد بانه كائن خالد الى ان اصيب بمرض خطير في 2006.
وتلخص خبيرة الديانات الافريقية ناتاليا بوليفار “قد تكون الآلهة اصابته وكان لديه +الحظ والسلطة+ كما يقال”.
والشخصية الراعية “للقائد” المخيفة والمحترمة، تهيمن على الجزيرة.
– مصدر وحي
لا يمكن الحديث عن تاريخ القرن العشرين بلا فيدل. في ستينات القرن الماضي دعم حركات التمرد في الارجنتين وبوليفيا ونيكاراغوا. وفي نهاية التسعينات تبنى سياسة الفنزويلي هوغو تشافيز. واليوم تستضيف كوبا محادثات السلام بين حركة التمرد “القوات المسلحة الثورية الكولومبية” والحكومة الكولومبية.
وقال الرجل الثاني في قيادة حركة التمرد الكولومبية هذه ان ثورته “تثير الرغبة (…) في الذهاب الى الجبال وحمل بندقية لتغيير الامور”.
واضاف انه “بفضل كوبا تمكنا من تحقيق تقدم الى هذا الحد. لم تنجح اي محاولة للسلام في كولومبيا (…) من قبل”.
والى جانب المقاتلين، صدر كاسترو “جيشا من الاطباء” الى العالم.
– وهم
في 2001 قال فيدل كاسترو “سيعودون” في وعد قطعه لاعادة خمسة عملاء كوبيين اوقفوا في الولايات المتحدة قبل ذلك بثلاث سنوات.
وقال رينيه غونزاليس احد هؤلاء الكوبيين الذين افرجت عنهم واشنطن بين 2011 و2014 “عندما قال فيدل انهم +سيعودون+، قال للشعب الكوبي: +ستقومون باعادتهم+”، مشيرا الى قدرة “القائد الاعلى” على نشر افكاره وان كان تحقيقها غير مرجح في بعض الاحيان.
واقسم على تحويل كوبا الى “قوة طبية” عندما لم يكن في البلاد سوى ثلاثة آلاف طبيب مقابل 88 الفا حاليا، اي طبيب لكل 640 نسمة.
لكن ذلك لم ينجح دائما. فعلى الرغم من جهوده، لم يتمكن من انتاج عشرة ملايين طن من السكر في 1970 ولا استعادة غوانتانامو التي تخلت عنها كوبا للولايات المتحدة قبل اكثر من قرن.