قصـة قصيرة جدا - شجـرة زليخـة
محمد سهيل احمد
قصـة قصيرة جدا - شجـرة زليخـة
حين اتوغل في السوق القديم وأملأ صدري بروائح المشويات المنبعثة من منقلات سوق القيصرية القادحة بالشرر ، اجدها قبالتي مقتعدة ً قطعة كارتون مقوى . يقبع في حضنها صندوق شيكولاته تتوسطه اوراق نقدية من فئة ربع الدينار .
غالبا ما اجد العجوز الضامرة البدن المحدودبة وهي تغمغم بعبارات وانصاف جمل غير مفهومة غير ملتفتة لنداءات باعة الخضروات والفاكهة وطسوت المخللات . وفي احيان اخرى يصادف ان اجدها مستلقية برأسها المضاء بفضة الشيب وقد استغرقت في نوم عميق في حين يتسلل مجنون او سكير ساع الى كؤوس اضافية باسطا يده نحو صندوقها ليخطف ملء قبضة يد من اوراقها النقدية التي يلقي بها المتسوقون الى قاعه .
الثانية والنصف بعد منتصف نهار ديسمبري بارد . مكانها فارغ وإذ تجوس عيناي ماسحة أرجاء السوق المزدحم القاها متوقفة عند بائع ( الحاجة بألف ) فأدنو منها بانتظار ان توقف ثرثرتها المتقطعة من اجل ان انفحها دينارا ، هذه المرة احتفاء بمقدم العام الجديد وكلي امل ان يكون عاما
يعكس امنيات المحتفلين الحقيقية وهم يتبادلون عبارات التهنئة عبر الشبكة العنكبوتية من خلال بطاقات عيد الكرسماس والعام الجديد .
بعد ساعات سيحل منتصف الليل وتلفظ السنة المارقة انفاسها مخلفة المكان لأيام قادمة حبلى بالحواديث . ستشتجر خلال الساعات القادمة سماء اغصان البرق المتشابكة من اثر الالعاب النارية ثم اسمع صاحب المحل :
ــ زليخة ..يازليخة .. هل اعددت مائدة الاحتفال ؟
ــ هيأت كل شيء .. الخبز والزيت والزيتون والتفاح الذي يهبه لي باعة الفاكهة والشموع وكذلك اكسير الشباب ..
ــ اكسير ماذا ؟
ــ لا اعرف اسمه .. لكنه يدير الرأس يذكرك بالأراجيح وبالأمس البعيد .. البعيد ..
تطرق للحظات قبل ان تعاود حديثها :
ــ اشتريت كل شيء الا شجرة رأس السنة وربما استأجرها من محل الانتيكات ان لم يكن قد اقفل باب محله ..
يقتحم صوت اجش لعطار مجاور اعتاد ممازحتها متسائلا :
ــ ولكن ماذا عن يوسف ؟ !