فيديو - مقهى «زهرة البستان».. ملتقى أدباء مصر والعرب
المقاهي في مصر تعيش حالة خاصة في شهر رمضان، وربما منحها تلك الحالة الفريدة عراقة هذه المقاهي ونوعية روادها الذين يرتادونها حتى الصباح، لذلك لا تندهش عندما ترى نجوم الأدب والشعر بعطائهم الإقليمي والدولي يتناولون مشروبات تعد الأرخص في سعرها على مستوى كل مقاهي مصر، وهم يجلسون في مقهى مفتوح على الشارع ممتلئًا بالزبائن ومناضده ومقاعده متواضعة..
وقد تجد في أحد أركان هذا المقهى شعراءً كل منهم يعكس آخر تجاربه الشعرية، وآخر في منتصف المقهى يقرأ قصته أو روايته قبل طبعها ربما يضيف إليه الزاخرون شيئًا في فكرته؛ فهو مقهى «زهرة البستان» القريب من ميدان طلعت حرب بوسط القاهرة، والذي ظل مفتوحًا على مدى 80 عامًا على مصراعيه أمام الشعر والأدب والقصة وغيرها من دروب الفن والثقافة والسياسة..
في هذا المقهى يمكن أن تجد أحمد عبدالمعطي حجازي أو خيري شلبي أو علاء الأسوانى وغيرهم من نجوم الأدب بكل شهرتهم ومكانتهم الإقليمية والعالمية يجلسون معك في طاولة واحدة دون حواجز..
هذا المقهى الذي يقع في أهم تقاطعات وسط البلد يعد الأشهر في أوساط المثقفين الكبار والشباب من الذين بدأوا تجاربهم الشعرية أو الأدبية أو الصحافية، وعندما يعرض أحد الكتَّاب أو الشعراء عملاً له تجد هؤلاء الشباب ينصتون بكل أدب واهتمام لكل الأمور الأدبية والإبداعية، ويأتون في اليوم التالي مبكرين في انتظار الأديب أو الكاتب، وإذا لم يأت في ذلك اليوم فسيجدون ضالتهم في مبدع آخر يحاورهم ويناقشهم، وأجمل ما في الأمر أنه مسموح لهؤلاء الشباب بالحوار والنقاش والسؤال بلا تحفظ، وما يلفت النظر أن مقهى «البستان» الذي يجاور مقهى «ريش» تمامًا في ميدان طلعت حرب كان محطة مهمة لمثقفي الأقاليم وأدبائها، وكثير منهم انطلقوا منه إلى عالم النجومية.
صعاليك الأدب والشعراء
وأطرف تعليق لأحد الأدباء عندما سئل عن الذين يجلسون على «زهرة البستان» فرد قائلاً: «إن برجوازية المثقفين كانوا يتجهون إلى كازينو «الجريون» الذي يقع في شارع قصر النيل القريب من ميدان طلعت حرب، أما الصعاليك من الأدباء والشعراء والصحافيين فكانوا يجلسون على مقهى «زهرة البستان».. حيث كان سعر المشروب في «الجريون» يساوي 6 أضعاف سعر المشروب في «زهرة البستان» الذي يعد ملتقى الأدباء والفنانين».
عرف مقهى «زهرة البستان» بالتواضع في كل شيء، في مقاعده ومناضده وأسعاره وهذا ما جعله ملجأ لكثير من الأدباء الشباب بالتحديد وشباب الصحافيين الذين لا تسمح دخولهم المادية التوجه لأي من المقاهي الأخرى في وسط البلد غالية الأسعار، وبالتالي بدأ المقهى يشهد إقبالاً من هؤلاء الشباب بجانب كبار الأدباء والشعراء.
أيضًا هناك ما يلفت النظر في هذا المقهى الجميل الرائع عندما تجد لافتة معلقة ومكتوب عليها «الشكك ممنوع والزعل مرفوع» والشكك يعني بالمصري السلف أو الدين، وكان أغلب المترددين على هذا المقهى هم أكثر المتعاملين بالشكك.. ولكن بعض الأدباء أرجعوا هذه الظاهرة إلى الإقبال الكبير من شباب الجامعات الذين لا يتحدثون في الثقافة والأدب، وتجد بينهم شبابا وفتيات يدخنون النرجيلة «الشيشة» بلا حياء أو اهتمام بمن حولهم.
جامعة مفتوحة
ورغم ذلك وحتى الآن ظل مقهى «زهرة البستان» هو جامعة لتخريج الكثير من المبدعين الذين بلغوا درجة من الشهرة والنجومية والعطاء لا حدود لها، وهذا ما شجع كثيرًا من الأدباء العرب من جيران مصر القيام بزيارات إلى مصر لمقابلة كبار الأدباء والشعراء والصحافيين المصريين في مقهى «زهرة البستان»، وهم يحملون كل تطلعاتهم وطموحاتهم ليجدوا من يأخذ بيدهم أو على الأقل الجلوس إلى كاتب مرموق ومعروف ليلتقطوا معه بعض الصور ويحصلوا على رقم هاتفه.
القاهرة - دار الإعلام العربية