ملك الأردن: الفتنة وئدت والأمير حمزة في قصره تحت رعايتي
الملك عبدالله الثاني يوجه رسالة الى الأردنيين بعد خمسة أيام على أزمة غير مسبوقة شغلت الأردن إثر محاولة لزعزعة استقراره اتهمت الحكومة الأمير حمزة وأشخاصا محيطين به بالوقوف وراء العملية.
الأربعاء 2021/04/07
أول كلمة للعاهل الأردني بعد أزمة الأمير حمزة
الملك عبدالله: الأردن الأبيّ آمن ومستقر
العاهل الأردني يعبر عن مدى ألمه من أزمة هزت البلاد
العاهل الأردني: أطراف الفتنة كانت من داخل بيتنا الواحد وخارجه
بايدن يعرب عن دعمه للأردن في اتصال مع الملك عبدالله
عمان - أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الأربعاء خلال رسالة وفي أول يوجهها للشعب الأردني بعد أزمة الأمير حمزة بن الحسين، أن "الفتنة وئدت والأردن آمن ومستقر والأمير حمزة في قصره مع عائلته وبرعايتي"، وذلك بعد خلاف مع أخيه غير الشقيق وولي العهد السابق الأمير حمزة.
وقال الملك عبدالله في رسالته "أتحدث إليكم اليوم، وأنتم الأهل والعشيرة، وموضع الثقة المطلقة، ومنبع العزيمة، لأطمئنكم أن الفتنة وئدت، وأن أردننا الأبي آمن مستقر".
وأضاف إن "الأزمة التي هزت استقرار المملكة كانت لي الأكثر إيلاما، ذلك أن أطراف الفتنة كانت من داخل بيتنا الواحد وخارجه".
وتابع في رسالة للشعب الأردني "لا شيء يقترب مما شعرت به من صدمة وألم وغضب، كأخ وكولي أمر العائلة الهاشمية وكقائد لهذا الشعب العزيز".
ووجه الملك عبدالله رسالة الى الأردنيين بعد خمسة أيام على أزمة غير مسبوقة شغلت الأردن الذي يحيي بعد أيام مئويته الأولى، على ما أفاد التلفزيون الرسمي.
وأعلنت قناة "المملكة" الرسمية أن "جلالة الملك عبدالله الثاني يوجه الأربعاء رسالة إلى الأردنيين".
وأوضحت أن "الرسالة تأتي بعد أن وقع سمو الأمير حمزة بن الحسين رسالة قال فيها إنه يضع نفسه بين يدي جلالة الملك، وسيبقى على عهد الآباء والأجداد وإنه سيكون دوما لجلالة الملك وولي عهده عونا وسندا".
وعلى إثر ذلك قال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس الأميركي جو بايدن أكد مجددا دعم الولايات المتحدة القوي للأردن وقيادة الملك عبدالله في اتصال هاتفي مع العاهل الأردني.
وقال البيان إن الزعيمين "بحثا العلاقات الثنائية القوية بين الأردن والولايات المتحدة ودور الأردن المهم في المنطقة وتعزيز التعاون الثنائي في العديد من القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية".
واتهمت الحكومة الأردنية الأحد الأمير حمزة (41 عاما) وأشخاصًا آخرين من الحلقة المحيطة به بالتورط في مخطط "لزعزعة أمن الأردن واستقراره". ووُضع في الإقامة الجبرية. وتم توقيف 16 شخصا، بينهم رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله، والشريف حسن بن زيد الذي شغل سابقاً منصب مبعوث العاهل الأردني إلى السعودية.
وغابت أخبار المخطط الذي أُعلن أنه استهدف أمن الأردن عن وسائل الإعلام الأردنية الأربعاء بعد قرار حظر النشر المتعلق بالقضية.
وتحدثت السلطات قبل أيام عن مخطط لزعزعة "أمن واستقرار" الأردن، وتصدرت تصريحات المسؤولين الأردنيين عناوين الصحف على مدى ثلاثة أيام.
أزمة سياسية راهنة تخترق آل البيت
وأعلنت السلطات القضائية الثلاثاء حظر النشر في القضية التي تمّ اعتقال 16 شخصا فيها، بينهم رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله، والشريف حسن بن زيد الذي شغل سابقاً منصب مبعوث العاهل الأردني إلى السعودية.
وأوضح نائب عام عمَّان حسن العبداللات الأربعاء أنَّ "حظر النَّشر في الموضوع المرتبط بسمو الأمير حمزة بن الحسين والصادر أمس، يشمل كلّ ما يتعلق بمجريات التحقيق وسريته وسلامته والأدلة المتعلقة به وأطرافه وكل ما يتصل بذلك".
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية "بترا" أن "الحظر يستثنى منه ما يعبّر عن الآراء وحرية الرَّأي والتَّعبير ضمن إطار القانون"، كما يستثي "التَّصريحات الصَّادرة عن الجهات الرَّسمية بهذا الخصوص".
وندّدت منظمة "مراسلون بلا حدود" على صفحتها على موقع "فيسبوك" بقرار "حظر النشر الذي فرضه النائب العام بخصوص قضية الأمير حمزة".
وأكدت أن "ذلك يعد إنتهاكاً جديداً لحق المواطنين في الحصول على معلومات".
وأكّد ولي عهد الأردن السابق الأمير حمزة، الأخ غير الشقيق للملك عبدالله، في رسالة وقّعها الإثنين بحضور عدد من أفراد العائلة المالكة الذين سعوا لحلّ الأزمة أنّه سيبقى "مخلصاً" للملك عبدالله الثاني.
وقال الأمير حمزة، بحسب بيان للديوان الملكي نشر مساء الاثنين، في رسالته "أضع نفسي بين يديّ جلالة الملك، مؤكّداً أنّني سأبقى على عهد الآباء والأجداد، وفياً لإرثهم، سائراً على دربهم، مخلصاً لمسيرتهم ورسالتهم ولجلالة الملك".
واجتمع ولي العهد الأسبق الأمير حسن بن طلال في بيته مع الأمير حمزة بحضور عدد من الأمراء، في إطار الوساطة. والأمير حسن (74 عاما) هو شقيق ملك الأردن الراحل حسين وعمّ الملك عبدالله، وقد شغل منصب وليّ العهد لنحو 34 عاماً.
ونشر أردنيون الإثنين صورا للعاهل الأردني الملك عبدالله وللأمير حمزة على موقع "فيسبوك"، معبرين عن فرحهم بحل الأزمة.
ويقول مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض "ما جرى هو حل عائلي باتجاه احترام محددات الدستور. ما تم حلّ عائلي للخلاف داخل العائلة المالكة، لكنه ليس حل للأزمة السياسية في البلد".
والأمير حمزة هو الابن الأكبر للملك الراحل حسين من زوجته الأميركيّة الملكة نور، وهو قريب من الناس وشيوخ العشائر.
وسمّى الملك عبدالله الأمير حمزة ولياً للعهد عام 1999 بناءً على رغبة والده الراحل عندما كان نجله الأمير حسين في الخامسة، لكنّه نحّاه عن المنصب عام 2004 ليسمّي عام 2009 نجله حسين وليًا للعهد.
ويضيف عوض "الأزمة لم تنته، الأزمة ستبقى واستمرار العمل في المستقبل بالطريقة السابقة نفسها في إدارة شؤون البلاد غالبا لن ينجح"، مضيفا "يجب أن تكون هناك طرق أخرى بالتحول الى مزيد من الإصلاحات الديمقراطية".
مقالات أخرى من اختيارات المحرر
الأربعاء 07/04/2021
الاردنيون بانتظار الافصاح التام بعد حظر النشر
عمان - سوف يُطوى ملف الخلاف داخل العائلة الهاشمية بعد ان وقع الأمير حمزة على رسالة ولاء للملك عبدالله الثاني، لكن لا يزال من حق الأردنيين رفع الغموض عن ملابسات "المخطط التآمري" الذي كان سيهز أمن البلد واستقراره، و"الجهات الخارجية" التي تقف خلفه وطبيعة العلاقات بين المتهمين.
قبل "المصالحة العائلية" التي أنجزها الأمير الحسن بن طلال عم الملك، قالت الحكومة ان المتهمين الـ16 اعتقلوا بناء على ما وصفته بالمتابعة الشمولية الحثيثة على مدى فترة طويلة من قبل الجيش وجهازي المخابرات والأمن العام.
اكثر ما تحتاجه السلطات الآن هو الكشف عن أبعاد العلاقة بين رجلين طال ما كانا على طرفي نقيض، وهما الشخصيتان الرئيسيتان في المخطط المفترض: الأمير حمزة ولي العهد السابق وباسم عوض الله الشخصية المقربة لفترة طويلة من الملك عبدالله الثاني.
هل يمكن لأجهزة الحكم اثبات وجود صلات بين الأمير القريب من أوساط الحركة الاحتجاجية والذي يتمتع حتى الان بشعبية واسعة، وعوض الله "المكروه" والمتهم شعبيا ببيع المؤسسات العامة وإضعاف الاقتصاد.
يرتبط اسم عوض الله بمشاريع الخصخصة التي أدت الى تخلي الدولة عن المرافق الأساسية للبلد وتراجع الدور الاجتماعي للحكومة وذلك في بدايات عهد الملك عبدالله الثاني الذي تولى الحكم في 1999.
قادت "إصلاحات" عوض الله الى حالة من الاستياء العام وأدت الى تآكل دخول الاردنيين الذين تعودوا على الرعاية الحكومية "الأبوية" أيام الملك الراحل الحسين بن طلال، وذلك بعد أن أمسك عوض الله بملف الخصخصة وتمسك به على مدى ثماني سنوات بدأت حين عُيّن مديرا للدائرة الاقتصادية في الديوان الملكي، وسرعان ما تولى وزارة التخطيط فالمالية ثم رئيسا للديوان حتى أواخر 2008.
حصيلة هذه السنوات وما تلاها كانت قبل يومين موضع انتقادات حادة من الأمير حمزة الذي أعفي من ولاية العهد في 2004 حين كان عوض الله في أوج نفوذه.
في مقطع الفيديو الذي روى فيه تعليمات الإقامة الجبرية على لسان رئيس هيئة الاركان المشتركة وبحضوره الشخصي، قال الأمير حمزة "لستُ المسؤول عن الفساد وانهيار الحوكمة وغياب الكفاءة التي تسود هياكل الحكم منذ خمسة عشر الى عشرين عاما، وتزداد سوءا كل عام".
ثمة حالة من التعاطف مع الأمير حمزة باعتباره تحدث بما يتحدث به الناس حول الفساد وتراجع الاقتصاد مع الجمود السياسي والقيود المفروضة على الحريات العامة. وملأت صوره السوشيال ميديا الأردني وانتشرت على بروفايلات المستخدمين خصوصا ما يجمعه منها بوالده الراحل الملك حسين.
يجد الأردنيون أوجه شبه متعددة بين الأمير حمزة ووالده الذي أوصى له بولاية العهد قبيل وفاته، وأبرزها قربه من الناس وخصوصا العشائر في المناسبات الاجتماعية وتوجهاته والكاريزما التي تذكرهم بملامح الملك حسين.
الى جانب الخصخصة ورفع يد الدولة عن المؤسسات العامة عبر عقود وامتيازات ضخمة شكك العديد من المحللين في شفافيتها ونزاهتها ولا تزال تثير حنق الناس وتساؤلاتهم، وضع الرئيس السابق للديوان الملكي نفسه خصما للعشائر التي تمثل إحدى الركائز الرئيسية الداعمة لمنظومة الحكم الهاشمي منذ تأسيس الدولة قبل مئة عام.
ربما كان الارتياح سيكون أكثر لدى الرأي العام لو اعتقل عوض الله في ظروف مختلفة وباتهامات مرتبطة خصوصا بالفساد وليس "لأسباب أمنية"، فاجأت معظم الأردنيين بسبب اتصالها مباشرة بالأمير الذي يوجه منذ سنوات انتقادات علنية لاذعة للأداء في أجهزة الحكم.
وفي حين لم توضح الحكومة بأي شكل من الاشكال أبعاد العلاقة المفترضة بين الأمير حمزة وعوض الله الذي ظل حتى عهد قريب موفدا شخصيا للملك الى السعودية، بقيت جوانب أخرى مهمة من "المخطط التآمري" محجوبة ايضا عن الناس.
هل أرادت الحكومة اتهام الموساد عندما أعلنت ضلوع جهات استخبارية في الخارج؟ نعم.
نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية قال ان وكالة مخابرات أجنبية اتصلت بزوجة الأمير حمزة لترتيب طائرة "للزوجين" لمغادرة الأردن. بعد ذلك، مررت أجهزة الحكم الى وسائل الإعلام المحلية خبرا منقولا عن "المصدر الرسمي المطلع" الذي كشف عن هوية "عميل" المخابرات الاسرائيلية المتورط في المؤامرة. ثم ذكر مسؤول كبير سابق بمرتبة نائب رئيس وزراء وقريب من السلطات الأردنية صراحة ان الدولة المقصودة هي إسرائيل.
روي شابوشنيك رجل الأعمال المقيم في أوروبا ويصف نفسه بأنه "إسرائيلي سابق"، نفى في بيان صادر عنه أي ارتباط له بالموساد. وقال انه عرض على زوجة الأمير حمزة وأبنائه، وليس الأمير، طائرة خاصة لاستضافتهم حيث يقيم من منطلق الصداقة الشخصية مع الأمير و"العلاقة العائلية القوية".
هنا يبدو أن أجهزة الحكم توقعت ان يمرّ على الرأي العام اتهام اسرائيل بالمخطط التآمري بسبب التوتر القائم منذ سنوات والمتصاعد الان بين الملك ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في قضايا تمس بالفعل استقرار المملكة وعلى رأسها القدس وعملية السلام.
تكتم الحكومة وحديثها المبهم عن الجهات الخارجية المتورطة، فتح الباب أمام تكهنات بدور سعودي محتمل. وكل المعطيات الظاهرة الأخرى تؤيد ذلك.
بالاضافة الى عوض الله المقرب من الديوان الملكي السعودي، اعتقلت قوات الأمن الشريف حسن بن زيد الذي لا يُعرف عنه الكثير سوى انه كان مبعوثا للملك عبدالله الثاني الى الرياض ويحمل الجنسيتين الأردنية والسعودية.
قبل ان يرسل الملك سلمان وزير خارجيته الى عَمّان للتأكيد من جديد على وقوفه الى جانب الاردن في "مواجهة جميع التحديات"، ربما كانت السعودية الدولة الاولى التي اعلنت تضامنها وتأييدها للتدابير التي اتخذها العاهل الاردني فور الكشف عن "المؤامرة".
وفي هذا تركت الحكومة للأردنيين أن يتخيلوا وجود ضغوط سعودية أو خليجية على المملكة بسبب توجهاتها في الملفات الإقليمية الرئيسية خصوصا القضية الفلسطينية ومآلات التطبيع مع اسرائيل.
الحكومة اتهمت ايضا "المعارضة الخارجية" بالتورط في المؤامرة. وفي الواقع لا توجد ما تسمى معارضة خارجية بالمعنى الحقيقي، وإنما نشطاء وصحافيون معارضون مقيمون في عدة دول ويساندون الحركة الاحتجاجية ومنهم من يؤيد الأمير حمزة.
بعد كل هذا، حظرت السلطات القضائية النشر في قضية التآمر لكن الحكومة لا تزال مطالَبة أمام الاردنيين وايضا أمام حلفائها العرب والأجانب بالكشف عن نتائج التحقيقات التي وعدت بالتعامل معها "بكل شفافية ووضوح".