الحرية الأكاديمية / د. برهان عليوي-سوريا
الحرية بمفهومها تعني الانعتاق من ربقة القيود التي تعيق عملية الوصول إلى الهدف المشروع الذي يناضل الإنسان من أجل تحقيقه وبلوغه.
لكن الانعتاق لاايعني بالضرورة الانفلات العبثي والفوضى الخلاقة كمآ يطلق عليها بعض منظري الفكر الديماغوجي.
بقدر مايعني الضبط والتنظيم والمشروعية التراتبية لبلوغ الهدف الأسمى. وثمة وجوه متعددة للحرية من بينها حرية الفكر والتعبير وحرية العقيدة والعبادة وحرية المرأة ضمن ضوابط أخلاقية وسلوكية
وكذلك الحرية السياسية بما لايهدد أمن الوطن ويقوض وحدته وكيانه.
وهذا المفهوم الأخير يبدو متغايرا من مجتمع إلى آخر بحسب الفلسفة السياسية لنظام الحكم القائم. على أن هناك بعض المفكرين من ينكر وجود الحرية ويعدها وهما ليس إلا..لأن له مايناقضه على أرض الواقع .
إلا أن هناك شكلا من أشكال الحرية لم يحظ بالقدر الكافي من الاهتمام في مجتمعاتنا العربية ويعرف باسم الحرية الأكاديمية والتي تشكل نوعا من الحصانة التي تمنح للمفكرين والباحثين والعلماء وامثقفين وبحكم دورهم الفعال في المجتمع
والتي تعني فيما تعنيه حق تلك المنظومة التي أشرت إليها آنفا البحث والتأليف والدراسة دون خوف أو دون قيد من الإدارة من الإدارة التي يتبعون إليها أو تهديد بمساءلتهم أو ملاحقتهم عندما يتم عملهم ضمن إطار المشروعية .ويستند هذا الحق إلى أن البحث الحر والمفتوح في شتى المجالات هو أساس التقدم العلمي وتنمية الوعي والمعرفة في عقول أبناء الأمة الذين يعول عليهم بناء المجتمع وتقدمه وتطوره.
والحرية الأكاديمية حق
معترف به في البلاد المتقدمة حيث تعد وسيلة للتوسع في حجم المعرفة وليست مجرد وسيلة للتوسع في حجم المعرفة وليست مجرد وسيلة لتكرار وزيادة المعلومات دونما أي تجديد أو تحديث كما هو حال الاكتشافات العلمية في القرون الوسطى والتي كانت خاضعة لاعتبارات دينية وأثنية بحيث أن كل مايتعارض مع هذه الاعتبارات السائدة يعد ضربا من البدع والضلال.
ورغم ازدهار الحرية الأكاديمية في المجتمعات الاوربية المتقدمة إلا أنها تعرضت لهزات شديدة عصفت بها وكبلتها بالقيود في المجتمعات المتخلفة.
أما في العالم العربي فقد انتشرت شعارات العلم من أجل المجتمع وليس العلم من أجل العلم داعية إلى أن تكون الأبحاث تطبيقية وليست أكاديمية وذلك بسبب تدخل السياسة في الأمور العلمية.
وبناء على ماتقدم ينبغي على الأنظمة العربية نشر وتعميق ثقافة الحرية الأكاديمية-وإعطاء مساحة واسعة للباحثين والمفكرين وأساتذة الجامعات في البحث الحر والمفتوح بعيدا عن الأطر السياسية من أجل الارتقاء بالشعوب العربية إلى مصاف شعوب العالم المتمدن وإعادة شمس العرب التي سطعت في يوم من الأيام على الغرب وأنارت دياجير الظلمة والعتمة في أرجائه.
