رحيل الشاعرة سميرة الخطيب إبنة فلسطين والقدس في الولايات المتحدة
سميرة الخطيب الصديقة الأثيرة والشاعرة المتميّزة وداعا
عندما رن جوّالي في السادسة وأربعين دقيقة صباح اليوم الجمعة 11.6.2021 وقرأتُ اسم الصديقة الشاعرة ليلى علوش المُقيمة في الولايات المتحدة شعرتُ برجفة عميقة اجتهدتُ كبْتَها، وأسْكتُّ الرّنين. لكنّ إحساسا عميقا طاردني طوال ساعات اليوم أنّ حدَثا كبيرا وقع ولا مَهرب منه.
عدتُ واتصلتُ بعد ساعات بليلى وإذا بها تشهق بالبكاء قائلة: نبيه ماتت سميرة.
لم أستوعب ما سمعتُ .. وعادت لتقول: ماتت سميرة. وتركتني وحيدة في هذا البلد الغريب.
وترمي بي السنون إلى سنوات السّبعينات من القرن الماضي وأجدني والعزيزتين الشاعرتين ليلى علوش وسميرة الخطيب نجوب شوارع القدس الجميلة السّاحرة وسميرة تشدو:
مدينتي..
لا تبخلي عليّ بالمطر
لا تُطفئي مشاعلَ البخور
من حبّك القاتلِ..
ليس لي مَفرّ.
ونتنقّل في مواقع رام الله الفاتنة ومطعمي نعّوم والبردولي. وحيثما تطأ الأقدام تشرئب الرؤوس وتشخص العيون . ونقرع باب بيت أبي خالد محمد البطراوي فيرفع صوته مهللا مُرَحِّبا، ونزور الصديقة الروائيّة سحر خليفة فتشهق فرحة: وأخيرا عملتوها وإجيتوا. ويجتمع الصديقات والأصدقاء فيدور النقاش في مختلف القضايا السياسية والثقافية والأدبية ، ونقلب صفحات الصحف الصادرة والمجلات ويُعلّق بعضُنا على ما كتب البعض ونضحك.
ومضت الأسابيع والشهور والسّنوات الجميلة وقصائد سميرة وليلى تُزيّن الصحف الوطنية، وحضورهما يطغى حيثما تكونان، وسِحر كلماتهما يشع بريقا في الأفئدة ويحرّك العقول حتى كانت المفاجأة بقرار سميرة المفاجئ بالرحيل:
إنّني في غد راحلهْ
لا تسلْني لماذا..
إلانَ
نويتُ الرّحيلْ
لم أعد أتقنُ الانتظار
أعطني كلَّ حرّيتي.
وسافرت سميرة . وظللنا على وعد عودتها للوطن والقدس ورام الله .. وبعدها سافرت ليلى . ومرّت السنوات وسميره وليلى في البعيد البعيد. وظلّ التواصل على البُعد بالرّسائل، ومن سنوات عَبر وسائل الاتّصال. وبقينا على وعْد اللقاء وشوق الأفئدة وعشق القدس ورام الله وانتظار الصديقات والأصدقاء.
ويأتيني اليوم صوتُ العزيزة ليلى علوش الباكي: ماتت سميرة.
ويلفّني الشّوقُ، وتأخذني السنوات، وتتردّد في مسامعي كلماتُ سميرة بصوتها الجميل الدافئ الباكي:
إنّني في غد راحلهْ
لا تسلني لماذا..
إلانَ نويتُ الرّحيلْ.
وتنهمر الدموع .. وأبكي سنوات العمر الجميلة وأّصدقاء وصديقات الماضي البعيد الباقي.
ماتت سميرة . هكذا قالت ليلى . وتظل ليلى العزاء والأمل والانتظار.