بوح الهجاء / د. عبدالرحمن البــاز
لا تـدنُ منـي فَبُــركانـي طوى الغَضَبا
فَأنـتَ بالشــــعـرِ والأخــــلاقِ لن تَثِبا
لسانكَ البــومُ والغــربــــانُ تعـــــرفهُ
وفي الخرائبِ طِبتَ الشؤمَ والوَصَبا
فيكَ الغرورُ طغى فـــي كــلِ ناحيـةٍ
والعجـزُ عنـــدكَ قصَّ الجُنحَ والذَنَبا
لم يصهلِ الحـــرفُ تيـهاً حين تركبهُ
وفـي المحافلِ تجـــثو القــدَّ والرُكَبا
فَمَــن أبــــاحَ لكَ الإبحارَ في سفني
لتشربَ الشــــهدَ والتسنــيمَ والعذبا
كنـــا وكنــا يلـــوذ الصمــت جانبــنا
ببــــوحــنا نقطــفُ الزيتــون والعنبا
فَأَنـــت بالشـــعرِ منبـــوذٌ بزاويـــــةٍ
طبعُ المشينِ يُجافي السعدَ والطَرَبا
سَفَـــهتَ القــولَ والأفعالَ في كذبٍ
وقد عرفــناكَ تحـوي الزيفَ والكذبا
حـــــارَ الوشـــاةُ بأمــرٍ كنتَ تدفعهمْ
وأنــت فيـهُمُ تـأتــي الزيفَ مضطربا
صَدَأتَ بالروحِ : لا تجلى بما صَدَأَت
وقد جَنيتَ السوءَ والأدرانَ والجَرَبا
تَقَطَّـــعَ الوصلُ فيـــها كــلَ ناحـــيةٍ
ببـــوقكَ المكـرُ يعدو خلفَ مَن هَرَبا
لـم نهجــــــرِ الودَّ أبقيـناهُ فـي أَمـلٍ
حتــى جنينا الضنى والغدرَ والنَصَبا
غير النهيـــقِ وزيــفِ المدحِ مأربكمْ
وفي القــوافي جَلَبتَ الداءَ والعَطَبا
في واحةِ الشعرِ كان الحبُ يجمعنا
أفسدتَ مغنى النهى والعلمَ والكُتُبا
لا يــفـــسدُ الدهرُ فالعــطّارُ يفـسدهُ
فالقـــردُ إذ يبــتغي بالوثبِ مكتسَبا
مغـــزى مرامـــكَ بـــانَ اليومَ مأربُها
خـــلف الظلامِ تُحـوكُ الزيفَ والرِيَبا
لفي عيــــونكَ هــلَّ الدمعُ في دجلٍ
وقد ذَرَفتَ على الخديـــنِ مغتــصَبا
من قبـــل لم أهـجُ بالأشعارِ من أَحَدٍ
غيـــر السفيـــهِ الـذي قد غادر الأَدبا