أبوحُ إلى دَعدٍ وقد نالها صَدّي / الشاعر عدنان احمد كبيسي
أبوحُ إلى دَعدٍ وقد نالها صَدّي
فما حيلةُ العُشاقِ يا دعدُ من بَعدي
فقالتْ: سَينسونَ الهوى بعدَما هوى
وَيَنسونَ كيفَ الوَردُ يُهدى إلى الوَردِ
وقالتْ: تُرى ما للحبيب وما جرى؟
فقلتُ لها: يا دَعدُ لمْ يحفظوا عَهدي
لقدْ جَعلوا عَيشي مِنَ الشهد عَلقماً
وَتاهَتْ نجومُ الليلِ يا دَعدُ مِن عَدّي
يَنامونَ ملءَ العينِ يَنسونَ مَن أنا
وما هَمَّهمْ نومي ولا هَمَّهُمْ سُهدي
وقالَ صديقي: ما لِجِسمِكَ صاحبي
أراكَ نحيلا مائلَ الظّهرِ والقَدِّ؟
أجَبتُ وشيبُ الرّأسِ مِنّي يَسومُني:
فما كُنتَ مِثلي عاشِقًا فالهوى يُردي
فَقالَ: أفي السبعين؟ قلت لهُ:ألوفا
ولو كنتُ في التسعين أو كنتُ في اللحدِ
سأبقى وَفياً حامِلاً رايَةَ الهوى
وأبقى كَقيسٍ شاعر العِشقِ في نَجْدِ
أنا والهوى كُنّا خُلقنا كآيةٍ
يُنَزّلُها الرّحمن للنّاسِ كي يَهدي
فما الدّينُ عِندي غيرُ حُبٍّ وإنّني
حبيبُ إلهي مِن عفافي ومن زُهدي
فيا بِنتَ نورِ الشمسِ بلقيسُ غادَرَتْ
وليلى نأتْ والعشقُ مازال في شَهدي
فلا تَقرَبيني لم أعُدْ أعرفُ الهوى
وما عادَ بَرقي يُنزِلُ الغيثَ أو رَعدي
وكانتْ صبايا الحَيِّ يسألنَ: يا فتى
فهلْ كنتَ تبكي لوعةَ الهَجرِ والفَقدِ
تَأوّهتُ حتّى الدّمعُ فاضَ بأعيُني
بكينَ على دمعي وقد هاج بي وَجدي
لقد كنتُ إنْ مَرّتْ فتاةٌ بجانبي
تَمَلّكَها حُسني وتاهَ بها رُشدي
شبابٌ جميلٌ والأناقَةُ ان بَدَتْ
على مَظهري أخفي جمالي ولا أُبدي
أخافُ على العُشاقِ من حُسنِ هيبتي
ومن بَسمتي يستبشر الناس
يا سعدي
وكنت اذا ماقلت شعرا يهمن بي
كأنَّ بهِ من سِحرِهِ روعة النَّهدِ
وضاعَ شبابي بينَ هِندٍ وغادَةٍ
فلا غادةٌ تهوى ولا شَالها هِندي
بكى قلب دعد اذ احسنت نهايتي
وظنت بان الدمع من قلبها يجدي
فكففت دمع القلب في حلم شاعر
فمن كان مثلي ليس للدمع يستجدي
كأنَّ طِباعَ العاشقاتِ مَلَلنَ مِن
مَشيبِ برأسي و التّجاعيدِ في خدي
فَعِفْتُ الهوى يا دَعدُ ماعُدتُ عاشِقاً
وقد عِشتُ عُمري أعشقُ الغيدَ عن بُعدِ
سوريا حماه