أي عيد ومعظم اللبنانيين دون الحد الأدنى من خط الفقر؟! / الشيخ حسام العلي
عيد بأية حال عدت يا عيد...
يأتي العيد هذا العام على اللبنانيين، حيث تعتصر قلوبهم الآلام، و تعتمل في صدورهم الحسرات، و تطل من عيونهم دمعات الأسى و الغيظ و الحرقة لما آلت إليه أوضاعهم السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و المعيشية ، حيث الهموم و المنغصات تتسلل الى أجسادهم ، و الأكلة تتداعى إلى قصعتها ، و المآسي في إزدياد ، و لا من مهتم أو منصت؟!
أي عيد ومعظم أفراد الشعب اللبناني و عائلاتهم لا ترقى إلى الحد الأدنى من خط الفقر.
أي عيد وحيثما تلفت تجد من يتربص بنا سوءاً و يريد بنا شراً و لا يهتم سوى بإيذائنا و تقويض دعائمنا و إستقرارنا و تفكيك و حدتنا و شرذمتنا و القضاء على إقتصادنا...
أي عيد يحتفل به المسلمون في إبتهاج و يتبادلون التهاني جهاراً و إخوانهم المجاهدون في أكناف بيت المقدس يتعرضون لأبشع أنواع الإنتهاكات و الإعتقال والرعب والقتل و الإذلال و تدنيس المسجد الأقصى من اليهود المستوطنين.
و كيف يتسنى لنا أن نبتهج بالعيد و نضحك ونبتسم ومعظم اللبنانيين أصبحوا من الفقراء و المساكين و من العائلات المستورة التي لا يعلم بظروفها سوى الله و حده سبحانه و تعالى حيث تتلوى بطونهم من الجوع و لا يجدون ما يأكلون؟! و هل في مقدور أي مسلم أن يستقبل العيد بكل إرتياح دون أن يفكر بأمر سائر المسلمين و الرسول ﷺ يحثنا في الحديث الشريف (من بات و لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)
يأتي هذا العيد على أناس ذلوا بعد عز ، أصبحوا أذلاء بعد أن كانوا أعزاء ، لأنهم ذاقوا مرارة العيش بعد رغده و تجرعوا من العلقم كيزانا بعد و فرة النعيم ،فإعتاضوا عن البهجة بالبكاء ، و سكن محل الفرحة الألم و الحسرة و العناء..
يأتي هذا العيد على يتيم ينشد عطف الأبوة الحاني ، و يتلمس حنان الأم الرؤوم، و يرنو إلى من يمسح راسه ، و يخفف بؤسه.
يأتي هذا العيد على أرملة تكالبت عليها الأحزان ، و توالت عليها المحن ، و تذكرت في العيد عزاً قد مضى في كنف زوج عطوف رؤوف فدمعت عيناها و بكت حسرة وألماً..
و تطول الحكاية و المأساة ، و تتعدد الصور و المشاهد البائسة و ينخلع الفؤاد من إستعراض حجم الأهوال و المؤامرات التي يتعرض لها بلدنا الحبيب لبنان.
العيد سيكون خيراً وهناءً إذا ما إنسلخنا من أنانيتنا وبادرنا إلى التواصل و التراحم و إفشاء السلام و الود، و نصرة المظلوم، و إغاثة الملهوفين ، و إقالة العاجز ، و مساعدة اليتيم ، و إعانة الأرامل الفقيرة ، و التنازل عن كبريائنا من أجل الإهتمام بالفقراء و زيارة منازلهم في الأحياء الداخلية و المناطق الشعبية ليستشعروا معنا أن لهم إخوة أحبوا أن يشاركوهم عيدهم.
كل عام وأنتم ولبنان بخير.