الأيادي العارية
بقلم : الشاعر إحسان الخوري
إهداء للشاعر الكبير معالي الدكتور لطفي الياسيني الجليل
هم يسيرون نحو مهب الريح
يغسلون أجسادهم بالغيوم الشاردة
أرواحهم محافل الانهزام
أياديهم العارية هربت مُغمَّضَة
وابتلعت عشر الوصايا أجسادهم
صلاتهم تجرح صمت السماء
وتؤرِّخ مَزاج نبيذ الأزقَّة
أفكارهم مثل حقول عطشى
اختبأت ألف عام بدون الشهود
هم غرباء تحت أجراس الملائكة
يلعقون البرد المُتمَترِس في الاتجاهات
ينتظرون رحمة من السماء تتوزَّع
يتمتِمون بأصوات الموت المُعَلَّق
ويشدَّهم ازدحام دخان الوحدة
نظراتهم تتكدَّس كالجثث الغريبة
أفواههم أتعبها سكوت البشرية
وتُكبِّلهم قرارات غريبة الاطوار
ألوان شفاههم كالشمس الباهتة
تتلوَّى كحكاية راهب زاهِد الحياة
يذرفون أوجاعهم بزوايا المستحيل
ويرقبون وسائدهم المغروسةبالوحول
تشمَّهم كلاب شاردة نساها الخوف
ويرتجفون قبل تساقط عشر الحواس
أحزانهم يعبث بجوفها البكاء المرُّ
يمشون الى الموت خفيفاً خفيفاً
نصف نبض في عاصمة شرايينهم
وأفئدتهم تتراكض لكي تموت
أول الليل تنهيدات تئِنُّ وتنشج
وفجرهم لاتحصيه السنون الطويلة
متغافلين عن آهات الريح الماكِرة
ويصمُّون آذانهم عن دعاء المارَّة
أيامهم تُراهِن على الارض الخرساء
تجول غير مبالية برقصة النار
خائفة كأحلام الوجع العتيق
لا تملك سوى ثرثرة بلا جواب
وتتشبَّث كسراب يلوح في الطريق
مَن يفتح قفص الخيال المرصود
تقول ساعة التحديق لا أمل يطلُّ
لقد طُويت تراتيل الانسانية السالفة
وقَصُرت ذاكرة الزيتون العهيد
هل هم أُحجية المشانق الخجولة
من سيمسح دموعهم قبل الابتداء
من سيكتب أسمائهم على أجنحة السنونو
هل سيُذكَرون في القداس الازلي
أم سيُشرَّدون في حبَّات المطر
ارقامهم تأكلها الايام الماكرة
وتنساهم رسوم الازمنة الهاربة
تقول العرَّافة هم أحفاد آدم الاكبر
متى تتبخَّر أنصاف القرون
تُطبطِب الشمس على الوديان
تتفتَّح شقائق النعمان والسَّوسن
تُزيَّنُ حافياتهم بالزبرجد المجنون
يَُصَبُّ النور في أعينهم المُثقلة
تُداهمهم أسرار الحنان الدافِئة
تمُسَّهم الوعود الفائِتة المُتراكِمة
تُربِّت أصابع الثلج على آلامهم
لتنمو في أفواههم ابتسامات الفرح