المُشَرَّدون / بِقَلَمِ الشَّاعِر إِحسان الخوري
عَلَى مَذَابِحِ الأَمْسِ وُضِعوا
لِأَجْلِ اِسْتِرضَاءِ المُسْتَقْبَلِ وجِدوا
اِسْتَيْقَظَتْ الشَّمسُ لِرُؤْيَةِ الدِّمَاءِ
دِمَائُهمْ فِي الأَزِقَّةِ تَسِيلُ
عَلَى أوراق الأَشْجَارِ المُتَساقِطةِ
عَلَى بوَّاباتِ المَطَاعِمِ مُلطَّخةٌ
عَلَى أَرغِفَةِ الخُبْزِ تَتَرقْرَقُ
دِمَائُهمْ أُهْدَرَهَا القُسَاةُ
وَهُم المَغْضُوبُون فِي الاِنْسَانِيَّةِ
الفَقْرُ كَانَ مُنْذُ أَزْمِنَةِ القَدِيمِ
ونَحْنُ أَغْفَلْنَاهُم عُقوداً طويلةً
هُم تُرِكُوا فِي أحَواضِ المَجَاريرِِ
والأَنْفَاقِ المُظْلِمَةِ
يَسْمَعُونَ تَرنِيمَةَ الأَحجَارِ الغَارِقَةِ
هُم أَغْلَقُوا أَعيُنَهُمْ الذَّابِلةِ
أَطرَافُهُمْ مُتْعَبَةٌ ومَهْزولةٌ
مُبَعثَرَةٌ كبيادِقِ الشَّطرَنْجِ
بَعضُ أَنْفَاسِهِمْ تَحلُمُ بِالجَنَّةِ
يَلْعَقُونَ المَوْتَ بألسِنتهم
ظَلَامُ حَيَاتِهِمْ لَيْسَ غِيَابُ النُّورِ
هُوَ سَيُدرِكُهُمْ فِي اليَوْمِ المَجْهُولِ
أَشْيَاؤهم مِنْ ذاتِ التَّوجُّعِ
هُمْ يُلَاطِفُونَ المَحَبَّةَ بِمَكرٍ
يَلْعَنُونهَا أكْثَرَ مِنْ كَثِيرٍ
هَلْ سَتُمْسَحُ عَنْهمْ غُبَارَ الأَزِقَّةِ
المَحَبَّةُ لَمْ تُعَالِجْ مَخَاوِفَهُمْ
مَنْ يَدرِي أَنَّهُمْ مِنْ نَسْلِنَا قَدْ وُلِدوا
وَمَاذَا عَنْ طَرِيقِ العَوْدَةِ المأمولةِ
مَا الَّذِي يَجْرِي في المَستورِ
كَيْفَ يُخَبِّئُونَ غُمَّتهم
هَلْ هِيَ العُقُوبَةُ لِبَقَائِهِمْ
هَلْ سَيُغَادِرُونَ بَعِيداً في الأَرضِ
وَهَلْ حَيَاتُهُمْ خَارِجَةٌ عَن السَّيْطَرَةِ
كُلُّ قُطَع أَجْسَادِهِمْ مُنْقَسِمَةٌ
أُسْطُورَتُهمْ المُنْسيَّةُ سَنَحكِيهَا
نَحتَفِلُ بِمِهْرَجَانِ الذَّاكِرَةِ المُطَارَدَةِ
وكَشَبِهِ سَاعَةِ الزَّمَنِ سنُوَاصِلُ معهم
لِنُعطِيَهُم السَّكينةَ مِن التَّساقطِ