الرحيل * قصة قصيرة * / الاستاذة سناء نصرة
كانَ يحتضنها بينَ ذراعيه حينَ كانت تلفظ أنفاسَها الأخيرة
تعانقَت نظراتُهُما العناقَ الأخير ... وانهمرَت دموعُهُ حارةً على
وجهِها الشاحب الذي طالما أنارَ عالَمَهُ بإشراقتِهِ ونضارتِه ...
أدركَت في تلكَ اللحظات أنها النهاية ... وأنها راحلة عنهُ إلى الأبد
... فرسمَت على شفتيها ابتسامةً حانِية- تكلفَتها مِن
أجلِه - تخللَت دمعاتِها المتساقِطة كحباتِ اللؤلؤ ...
فقبَّلها بحرارة ، وضمها إلى صدرِهِ الخافِق ... وهو يشعر
بأن قلبَهُ يُنتَزع مِن بينِ أضلاعِه ... وبصوتٍ ضعيف ،
وحروفٍ متقطعة أخبرتهُ بأنها أحبته ... أحبتهُ بكلِ ذرةٍ
في كيانِها ... فرأت الدنيا كلَّها من خلالِ عينيه ...
أخبرَتهُ بأن حبَها لن يموت بل سيعيش معها هناك ...
في العالَم الآخر ...
قبَّلَ جبينَها والدمعُ يُدمي عينيه ... ووعدها بأنها ستبقى
في أعماق أعماقِه مهما طال العمر ...
وكملاكٍ جميلٍ لبَّت نِداءَ ربِها ... ورحلَت ...
نعم ، هذا هو الحلم الذي رأَتهُ في تلكَ الليلة ...
والذي سرعانَ ما انتهى فاستيقَظَت على حقيقةٍ مُرة ...
فهوَ الراحِلُ عن عالمِها ... إلى عالَمٍ مجهول
وهيَ التي تعاني آلامَ الفراق ... إلى الأبد ...